احتقان متزايد يهدد استقرار محافظة الرقة السورية تحت سيطرة «قسد»

تشهد محافظة الرقة السورية، التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، توترًا أمنيًا متزايدًا، في ظل غياب المعلومات الرسمية وارتفاع مستوى القلق بين السكان المحليين.

احتقان متزايد يهدد استقرار محافظة الرقة السورية تحت سيطرة «قسد»
احتقان متزايد يهدد استقرار محافظة الرقة السورية تحت سيطرة «قسد»

أكدت مصادر إعلامية مقربة من السلطات السورية أن الوضع في الرقة يعاني من احتقان شديد، مما قد يؤدي إلى انفجار الأوضاع في أي لحظة، وذلك في ظل تصاعد الحوادث الأمنية والمواجهات التي تؤثر مباشرة على حياة المدنيين واستقرار المحافظة.

ووفقًا للمصادر، فقد وقعت سلسلة من الأحداث منذ مساء السبت وحتى اليوم، حيث بدأ الأمر بانفجار كبير داخل معمل الغاز بين منطقتي مزرعة الأسدية والصالحية، وحتى الآن لم تصدر “قسد”، التي تدير المعمل، أي بيان رسمي يوضح أسباب الانفجار أو حجم الأضرار.

كما شهد سجن “الكنيسة” في مدينة الطبقة حالة استعصاء من قِبل عدد من السجناء، مما أدى إلى فرض إجراءات أمنية مشددة داخل السجن وفي محيطه، ولا تزال طبيعة مطالب السجناء وخلفية الحادثة غير واضحة.

وفي وقت متأخر من مساء السبت، دوى انفجاران قويان في وسط مدينة الرقة، مما أثار الذعر بين السكان، دون أي تعليق رسمي من “قسد” أو الجهات الأمنية التابعة لها.

بيان قبلي حاد اللهجة ضد قوات قسد

في تطور لافت، أصدرت عشيرة “البوسبيع” المنضوية ضمن قبيلة “البوشعبان” بيانًا شديد اللهجة، أعلنت فيه رفضها القاطع لوجود “قسد” في مناطقها، ووصفتها بـ”قوة احتلال لا شرعية لها”.

وأكدت العشيرة في بيانها أن مناطقها عانت من القهر والتهميش والاعتقال والتهجير تحت سلطة “قسد”، التي اتهمتها بالسعي إلى “طمس الهوية وتشويه البنية القبلية والاجتماعية”، مشددة على أنها لا تمثل تطلعات سكان المنطقة، ولا تحترم القيم العربية والإسلامية.

وأشار البيان إلى خمس نقاط رئيسية، أبرزها رفض الوجود المسلح لـ”قسد” في مناطق العشائر العربية، واعتبارها كيانًا مفروضًا بالقوة والدعم الخارجي، داعيًا أبناء القبائل المنتسبين إلى “قسد” للانشقاق الفوري عنها، و”عدم التورط في ظلم أهلهم”.

كما طالبت العشيرة بانسحاب “قسد” من المنطقة الشرقية بالكامل، وتسليم إدارتها إلى الحكومة السورية، معلنة دعمها لأي تحرك عشائري سلمي أو مقاومة مشروعة تهدف إلى “تحرير الأرض”، مؤكدًا على وحدة الصف العشائري والتمسك بالهوية ورفض الخضوع لأي قوة أجنبية.

إنكار وموقف إعلامي مغاير

من جانبه، رفض المتحدث باسم قوات الشمال في “قسد”، محمود حبيب، التعليق على التطورات، نافيًا وجود أي مظاهر للتمرد، ووصف ما يُنشر بأنه “محض شائعات ومبالغات على مواقع التواصل الاجتماعي”، كما أكد عدم علمه بوقوع استعصاءات أو تفجيرات.

وأكد مصدر إعلامي مقرّب من “قسد”، في تصريحات صحفية، أن ما يجري هو تهويل إعلامي، مشيرًا إلى أن مدينة الرقة لم تشهد على مدار السنوات الماضية أي تحرك مسلح أو انتفاضة ضد أي جهة، رغم مرورها بأحداث جسام بدءًا من سيطرة “جبهة النصرة” و”داعش”، وصولًا إلى سيطرة “قسد” عليها خلال أيام.

وأضاف المصدر: “لو كانت قسد تشعر بخطر داخلي في الرقة، لما كانت فتحت جبهة تصعيد في حلب، في إشارة إلى ثقتها في السيطرة على الميدان

وأشار أيضًا إلى أن “عرب الجزيرة” في الرقة والحسكة ودير الزور لم يتخذوا موقفًا حاسمًا ضد “قسد”، موضحًا أن تجربة ريف دير الزور الشمالي عام 2023 كانت استثناءً لم يتكرر، رغم انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة قبل نحو شهر، دون أن يؤدي ذلك إلى أي انتفاضة.

الاقتصاد كلمة الفصل

وأوضح المصدر أن العامل الاقتصادي هو الأكثر تأثيرًا على مواقف سكان المنطقة من “قسد”، لافتًا إلى أن معظم سكان الرقة يعتمدون على الزراعة، إلى جانب رواتب “قسد” والمساعدات الأممية.

وأشار إلى أن الحكومة السورية لم تقدم دعمًا جديًا للقطاع الزراعي، على عكس الإدارة الذاتية الكردية، مما دفع المزارعين لتوريد محصول القمح إليها بدلًا من الحكومة، بدليل الأرقام التي تظهر حجم التوريد من الرقة ودير الزور للإدارة الذاتية مقارنةً بالحكومة.

كما أشار إلى أن أسعار المحروقات في مناطق “قسد” أرخص بنسبة 75% من مثيلاتها في مناطق الحكومة السورية، مما يجعل الحديث عن “انتفاضة قريبة” بعيدًا عن الواقع، حسب تعبيره.