في وقت حساس للغاية على الساحة الإقليمية، عادت لغة التهديد والاشتراطات القصوى لتطفو على السطح بين إسرائيل وإيران، وسط تحذيرات متزايدة من احتمال انزلاق الأوضاع نحو مواجهة عسكرية واسعة.

اقرأ كمان: رئيس وزراء إسرائيل الأسبق يتهم تل أبيب بارتكاب جرائم حرب في غزة وتضليل العالم بالمساعدات
التصعيد الجديد جاء من أعلى المستويات في إسرائيل، حيث أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ما أسماه بـ”الشروط الثلاثة غير القابلة للتفاوض”، مشيراً إلى أن تجاهل هذه الشروط قد يقود إلى رد عسكري إسرائيلي قاسٍ.
شروط إسرائيلية صارمة
الشروط التي وضعها نتنياهو تضمنت ضرورة وقف تخصيب اليورانيوم بالكامل داخل إيران، بالإضافة إلى وقف تطوير الصواريخ الباليستية أو تقليص مداها لتتوافق مع المعايير الدولية بحيث لا تتجاوز 300 ميل، فضلاً عن إنهاء ما تعتبره إسرائيل “دعم الإرهاب”، في إشارة إلى دعم طهران لفصائل مثل حزب الله وحركة حماس والحشد الشعبي.
وشدد نتنياهو على أن هذه المطالب تحظى بدعم مباشر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، محذراً من أن عدم تنفيذها قد يدفع إسرائيل إلى استخدام القوة لمنع إيران من تحقيق أهدافها.
رفض إيراني فوري
لم يتأخر الرد الإيراني، حيث أكد وزير الخارجية عباس عراقجي أن بلاده “لا تتعجل العودة إلى المفاوضات”، مضيفاً أن أي حوار مستقبلي يجب أن يستند إلى “ضمانات أمنية قوية”.
أما المحلل السياسي الإيراني سعيد شاوردي، فقد وصف تصريحات نتنياهو بأنها أكثر من مجرد شروط، بل تعبر عن نوايا تصعيدية، مشدداً على أن مطالب تل أبيب تمس السيادة الإيرانية بشكل مباشر، وتعتبر بمثابة مطالبة بتسليم كل أوراق القوة.
التخصيب والصواريخ.. خطوط حمراء
وبحسب شاوردي، فإن طهران قد تبدي مرونة في قبول رقابة دولية مشددة، وتخفيض مستوى التخصيب إلى أقل من 5%، بل وحتى السماح لمراقبين أمريكيين بدخول المنشآت النووية، شرط أن تترافق هذه الخطوات برفع العقوبات الاقتصادية، وتوفير ضمانات بعدم تكرار الهجمات العسكرية ضد إيران.
أما فيما يتعلق بملف الصواريخ، فيراه الإيرانيون مسألة وجودية لا تخضع للتفاوض، مؤكدين أن تقليص مداها سيعرض البلاد لضغوط كبيرة ويتركها مكشوفة تماماً أمام ضربات إسرائيل الجوية، خاصة مع امتلاك تل أبيب طائرات متقدمة مثل “إف 35”.
إسرائيل لا تريد حرباً.. ولكن
يعتقد الخبير في الشأن الإسرائيلي نائل الزعبي أن تل أبيب، رغم تصعيدها، لا تسعى لحرب شاملة، بل تحاول تحديد خطوط حمراء واضحة، أهمها منع تمركز إيران في سوريا ولبنان وغزة، والحيلولة دون وصولها إلى القدرة النووية.
ويؤكد الزعبي أن إسرائيل تدرك كلفة الحرب، خاصة مع قدرة طهران على الرد بالصواريخ التي قد تصل إلى العمق الإسرائيلي، لكنها في الوقت نفسه “لن تقف مكتوفة الأيدي إذا اقتربت إيران من إنتاج سلاح نووي”، كما يقول.
نحو مفاوضات مشروطة؟
يجمع التصعيد الأخير بين اللهجة التهديدية والاستعداد غير المعلن للعودة إلى المفاوضات، حيث تسعى إسرائيل إلى كبح جماح البرنامج النووي والصاروخي الإيراني، بينما تطالب طهران برفع العقوبات وضمانات أمنية فعلية.
ويرى مراقبون أن كلا الطرفين لا يملكان مصلحة في خوض مواجهة مباشرة، لكنهما يستخدمان هذه الجولة من التصعيد كورقة ضغط لتحسين شروط العودة إلى طاولة المفاوضات.
ممكن يعجبك: اعتقال 20 شخصاً للاشتباه في دعمهم لمنظمة «فلسطين أكشن» المحظورة في لندن
في هذا السياق، تبرز معادلة التفاوض تحت التهديد، والتي تم تطبيقها من الطرفين عدة مرات منذ عام 2015، مما يجعل المرحلة المقبلة مرشحة لمزيد من الضغوط المتبادلة، وربما لمبادرات تفاوضية غير تقليدية تخلط بين الردع والحوار.