أكد المحلل السياسي اللبناني الدكتور أحمد يونس أن الأحداث الدامية التي شهدتها محافظة السويداء السورية تمثل لحظة فارقة في المشهد السوري، محذرًا من أن الجنوب السوري أصبح مهددًا بالانفجار الشامل نتيجة التهريب وتزايد السلاح غير الشرعي، بالإضافة إلى تراكم الاحتقان الاجتماعي والاقتصادي.

مقال مقترح: محلل سوري: شبكات التجسس الإسرائيلية فعالة وإيران سترد بقوة
وأوضح الدكتور أحمد يونس في حديث خاص لموقع نيوز رووم، أن الأحداث الأخيرة جاءت على خلفية اعتداء مسلح تعرض له شاب من أبناء السويداء على طريق دمشق السويداء، حيث اتُّهمت عناصر من العشائر بالاعتداء، ليأتي رد الفعل العنيف الذي أعقب الحادثة، من احتجاز وقطع طرق، ثم هجمات متبادلة، مما يكشف أن التوتر لم يكن ظرفيًا، بل هو نتيجة تراكمات طويلة الأمد، وينتظر فقط شرارة لتفجيره.
وأكد يونس أن ظاهر الأحداث يوحي بصراع أهلي محدود، إلا أن عمق التوتر واتساع رقعة الاشتباكات، إلى جانب اللغة المستخدمة في البيانات الصادرة عن الجهات الرسمية والروحية، يشير إلى أن ما يجري يتجاوز كونه حادثًا عابرًا.
وأشار يونس إلى أن محافظة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، التزمت الحياد الإيجابي منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، مع تسجيل اعتراضات داخلية على أداء النظام، لكنها تجنبت الانزلاق إلى حرب مفتوحة، ومع ذلك، فإن تراجع هيبة الدولة وانتشار السلاح غير الشرعي، وازدياد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية جعل المنطقة عرضة لانفجارات مؤجلة، مشيرًا إلى أن الحادث الأخير لم يكن سوى شرارة فجّرت احتقانًا متراكمًا منذ سنوات.
اشتباكات السويداء.
اشتباكات السويداء في توقيت حساس
وأضاف أن ما يثير القلق أكثر هو التوقيت الحساس لهذه المواجهات، في ظل انفتاح سياسي نسبي تشهده دمشق على الصعيدين العربي والدولي، وتقاطع النفوذ الإيراني والروسي والإسرائيلي والأردني في الجنوب، مما يجعل أي فوضى أمنية هناك محطّ شبهة وأداة ضغط إقليمي.
مقال له علاقة: إعلام عبري يدعو لقطع الغاز عن مصر.. ما التفاصيل؟
ولفت الدكتور يونس إلى أن إسرائيل تتابع ما يحدث في السويداء بصمت محسوب، مشيرًا إلى أن تل أبيب قد تجد في إشعال الداخل الجنوبي فرصة لتعزيز أوراقها السياسية والأمنية، من دون الحاجة لتدخل عسكري مباشر، خصوصًا في ظل الحديث المتنامي عن ترتيبات تطبيعية أو تفاهمات حدودية، مضيفًا أن الضغط الأمني المحلي يربك دمشق ويمنح إسرائيل قدرة أكبر على المناورة.
وشدد على ضرورة الانتباه لدور بعض القوى الإقليمية التي تتعامل مع الجنوب السوري كمجال نفوذ، في وقت يشهد فيه التنسيق الروسي السوري تراجعًا ميدانيًا، مع تصاعد ظاهرة الميليشيات المحلية تحت مسميات “الدفاع الذاتي”، التي تحوّلت في بعض المناطق إلى أدوات سياسية ووسائل ضغط ميداني.
وأردف المحلل السياسي أن البيانات الرسمية، إلى جانب بيان الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية، عكست إدراكًا مشتركًا لحساسية المرحلة، وجاء خطابها متوازنًا، يجمع بين رفض التعدي على الكرامات، والدعوة لوقف العنف وضبط النفس، مشددًا على أن هذا التوازن لن يصمد ما لم يصدر قرار مركزي حاسم بتجريد الجميع من السلاح خارج الأطر الشرعية، وإطلاق حوار صريح مع المجتمعات المحلية لتفكيك مصادر الفتنة.
وختم الدكتور أحمد يونس بالتحذير من أن القرار السياسي وليس السلاح، هو ما سيحسم مستقبل الجنوب السوري، داعيًا إلى مصارحة داخلية عاجلة، وترسيم واضح بين الحق في الدفاع والفوضى المسلحة، محمّلًا القوى الإقليمية والدولية مسؤولية وقف التدخلات التي قد تشعل الجنوب وتحرق ما تبقى من استقرار في المنطقة.