هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الإثنين الماضي، بفرض عقوبات جمركية “قاسية جدًا” على مشتري الصادرات الروسية، وأعلن عن إعادة تسليح أوكرانيا، في خطوة بدت كأنها تعكس تحولًا في نبرته تجاه موسكو، لكنها تظل محل تساؤل حول ما إذا كانت تعكس تغييرًا فعليًا في الاستراتيجية الأمريكية أم مجرد مناورة سياسية جديدة، حسبما ذكرت صحيفة “إندبدنت” البريطانية.

ممكن يعجبك: بوتين يهاجم أوكرانيا وترامب يهدد بعقوبات إضافية على روسيا
وعلى الرغم من النبرة التصعيدية والانتقادات المباشرة، فإن ترامب منح نظيره الروسي فلاديمير بوتين مهلة جديدة مدتها 50 يومًا للتوصل إلى اتفاق سلام ينهي الحرب التي تدخل عامها الرابع، وهي مهلة أثارت شكوك البعض حول جدية التهديد الأمريكي.
ترامب بين تصعيد والتهدئة مع بوتين
ومنذ عودته للبيت الأبيض في يناير الماضي، بدا ترامب حريصًا على التقرب من بوتين، متبنيًا خطابه الانتخابي الذي تعهد فيه بإنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة فقط، وهو ما أثار قلقًا متزايدًا في كييف، خصوصًا بعد المواجهة الحادة التي جمعته مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي في فبراير، والتي أعقبتها تصريحاته التي وصف فيها زيلينسكي بأنه “ديكتاتور” يحكم بلاده “بدون انتخابات”، معتبرًا أن أوكرانيا “لا تملك أوراقًا قوية بيدها” في مواجهة روسيا.
مقال مقترح: إسرائيل تعلن عن قصف المنشأة النووية الإيرانية في أصفهان
ولكن الأسابيع الأخيرة شهدت تصعيدًا في نبرة ترامب مع بوتين، خاصة مع تصاعد وتيرة الغارات الجوية الروسية على أوكرانيا، حيث زادت موسكو من وتيرة إطلاق صواريخها معتمدة على صناعة دفاعية تعمل بأقصى طاقتها، وفي تصريح مباشر، أبدى ترامب “إحباطه” من بوتين، مشيرًا إلى أنه يتحدث بلغة دبلوماسية نهارًا ويبدأ “بقصف الجميع ليلاً”، كما وصفه للمرة الأولى بـ”المجنون تمامًا”.
اللافت أن ترامب لمح خلال تصريحاته الأخيرة إلى أن زوجته، السيدة الأولى ميلانيا ترامب، قد تكون أثرت على موقفه من بوتين، قائلًا: “كنت أعود للبيت وأقول لميلانيا: تحدثت مع فلاديمير اليوم وكانت محادثة رائعة، فترد عليّ: حقًا؟ مش لسه قصف مدينة تانية؟”، مضيفًا عن بوتين: “لا أريد أن أقول إنه قاتل، لكنه رجل صارم”
ورغم المحادثات الست التي جمعت ترامب وبوتين منذ يناير، لم يُعلن حتى الآن عن موعد لأي قمة مباشرة بينهما، ما يثير تساؤلات حول جدوى التواصل بين الزعيمين.
المحللون: ترامب فشل حتى الآن بالوفاء بوعده
من جهتها، يرى المحللون أن ترامب فشل حتى الآن في الوفاء بوعده بجلب بوتين إلى طاولة المفاوضات، معتبرين أن تهديداته الجمركية الأخيرة ما هي إلا انعكاس لحالة الإحباط التي يعيشها، وليست مؤشرًا على تغير جذري في سياسات إدارته.
وفي الوقت نفسه، رحبت المعارضة الديمقراطية بما اعتبرته “تغيرًا” في لهجة ترامب تجاه روسيا، إذ أعربت السناتور الديمقراطية جين شاهين عن سعادتها بأن ترامب “بدأ أخيرًا يواجه الواقع ويتحمل مسؤوليته تجاه مجازر بوتين”، لكنها طالبت بتحويل التصريحات إلى مواقف فعلية لإيقاف الحرب.
ورغم أن ترامب لم يذهب بعيدًا إلى حد دعم مشروع قانون في الكونغرس يفرض رسومًا جمركية تصل إلى 500% على الدول التي تدعم الحرب الروسية، مثل الصين والهند والبرازيل، عبر شراء النفط والغاز الروسيين بأسعار مخفضة، إلا أن الوضع لا يزال معقدًا.
وبحسب الخبراء، يبدو أن الكرملين يراهن على استنزاف تدريجي لصمود أوكرانيا والدعم الغربي، آملًا في حسم الحرب بشروطه الخاصة.
وهكذا، بينما يحاول ترامب التوازن بين ضغوط الداخل الأمريكي والمواجهة مع بوتين، لا تزال الصورة ضبابية حول ما إذا كان هذا التحول في النبرة يمثل سياسة أمريكية جديدة، أم مجرد حلقة جديدة في مسرحية التصريحات السياسية.