صراع داخلي وتدخلات خارجية في الطائفة الدرزية بسوريا وسط التوترات الإقليمية

تعيش الطائفة الدرزية، التي يبلغ عدد أفرادها حوالي مليون نسمة، حالة من القلق والانقسام في ظل الصراعات السياسية والعسكرية التي تشهدها سوريا والمنطقة، ومع تواجدها الجغرافي في سوريا ولبنان وإسرائيل، تتصدر الطائفة الدرزية عناوين التوترات العسكرية والدبلوماسية المتزايدة في الجنوب السوري، وخاصة في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية.

صراع داخلي وتدخلات خارجية في الطائفة الدرزية بسوريا وسط التوترات الإقليمية
صراع داخلي وتدخلات خارجية في الطائفة الدرزية بسوريا وسط التوترات الإقليمية

جذور التاريخ وموقع الطائفة

تأسست الطائفة الدرزية في القرن الحادي عشر في مصر، حيث تتبنى مذهبًا مغلقًا يمنع تغيير الدين أو الزواج المختلط، وتنتشر الطائفة في ثلاث محافظات جنوبية سورية قرب الجولان، ويعيش أكثر من 20 ألف درزي في المنطقة التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967.

التوترات بين الحكومة السورية الجديدة

بعد سقوط نظام بشار الأسد، وعد الرئيس الجديد أحمد الشرع بإدماج جميع الطوائف، لكن قوى سنية متطرفة تدعم السلطة شنت هجمات على الأقليات، بما في ذلك الطائفة الدرزية، وقد رفض الدروز نزع سلاح ميليشياتهم والانضمام للجيش النظامي، مما أدى إلى اشتباكات دموية بلغت ذروتها في أبريل، حيث سقط أكثر من 100 شخص، وتعاني الطائفة من ضعف التمثيل السياسي، واستبعاد بعض قادتها من الحوار الوطني، مما زاد من فقدان الثقة تجاه السلطة الجديدة.

إعلان وقف إطلاق النار وبدء انتشار الشرطة العسكرية

أعلن مرهف أبو قصرة عن وقف لإطلاق النار بعد اتفاق مع قادة محليين لم يتم الكشف عن أسمائهم، مع بدء انتشار الشرطة العسكرية لنشر الانضباط.

الدور الإسرائيلي في الأزمة

على الجانب الآخر، ادعى حرصه على حماية الدروز في سوريا، مستندًا إلى “علاقات أخوية” مع 130 ألف درزي يعيشون داخل إسرائيل، وقد فرضت إسرائيل منطقة منزوعة السلاح بشكل أحادي جنوب سوريا، وهو ما رفضته الحكومة السورية واعتبرته انتهاكًا للسيادة، واعتبر الزعيم الروحي حكمت الهجري الهجمات على السويداء “حرب إبادة”، مطالبًا بحماية دولية، بينما أيد زعماء آخرون تدخل الحكومة ودعوا إلى تسليم السلاح وبدء الحوار.

تحديات التطبيع بين سوريا وإسرائيل

رغم المحادثات غير المباشرة، تواصل إسرائيل تنفيذ ضربات عسكرية، مما يعيق جهود التهدئة والانفتاح السياسي، بينما تسعى الولايات المتحدة لضم سوريا إلى اتفاقيات إبراهيم، لكن الخلافات العميقة مع حكومة دمشق الجديدة، التي تصفها إسرائيل بـ”نظام متطرف”، تعيق التقدم.

جدير بالذكر أن سوريا شهدت فجر الأربعاء تصعيدًا عسكريًا واسعًا بعد سلسلة غارات جوية عنيفة شنتها مقاتلات إسرائيلية استهدفت العاصمة دمشق ومناطق في درعا والسويداء، وسط أنباء عن سيطرة جوية إسرائيلية كاملة على أجواء السويداء ودرعا، وفق ما أكدته هيئة البث الإسرائيلية ووسائل إعلام عبرية.

كما تداول ناشطون مقاطع فيديو تُظهر اندلاع حريق ضخم بأحد المولدات الكهربائية قرب جسر مسرابا في محيط دوما بريف دمشق، وذكروا أنه ناتج عن قصف إسرائيلي للمنطقة.

غارات إسرائيلية

في السويداء، استهدفت الغارات الإسرائيلية عدة مواقع أبرزها محيط مطار “الثعلة” العسكري، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات الجيش السوري، وفق ما أفادت به مصادر محلية وتلفزيون سوريا.

كما طالت الغارات خطوط إمداد الفصائل العسكرية التابعة لوزارة الدفاع السورية، خاصة بمحيط السويداء ودرعا، فيما تعرض “اللواء 52” شرق درعا لقصف مباشر استهدف تجمعات تابعة للفصائل الحكومية.

وفي تطور لافت، استهدف الطيران الإسرائيلي أرتالًا عسكرية تابعة لـ”الفرقة 54″ السورية أثناء تحركها على طريق دمشق-درعا، حيث كانت في طريقها لمواجهة فصائل درزية مسلحة جنوبي سوريا.

ووفقًا لمصادر ميدانية، لا تزال المقاتلات الحربية والطائرات المسيّرة الإسرائيلية تحلّق في أجواء درعا والقنيطرة، مما يشير إلى استمرار التصعيد العسكري في المنطقة.