في خطوة تنذر بتصعيد عسكري محتمل في المنطقة، شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر الأربعاء غارات جوية على العاصمة السورية دمشق، حيث استهدفت الضربات مبنى هيئة الأركان ومقر وزارة الدفاع السورية، مما يجعل هذا الهجوم الأعنف منذ بداية العام ويعكس تطورًا خطيرًا في المواجهة بين إسرائيل ومحور المقاومة.

مواضيع مشابهة: القاهرة تسعى لحل إنساني عاجل في غزة بمشاركة وفود من مصر وقطر وإسرائيل
أسفرت الغارات عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى بين المدنيين والعسكريين، بالإضافة إلى أضرار جسيمة في المنشآت الحيوية وسط العاصمة، مما أعاد إلى الأذهان مشاهد التهديد والتدمير التي شهدتها سوريا على مدار السنوات الماضية.
استهداف سياسي بامتياز
وفي تحليل أولي للهجوم، وصف المحلل السياسي السوري غسان يوسف القصف الإسرائيلي بأنه رسالة سياسية مباشرة موجهة إلى القيادة السورية، مشيرًا إلى أن استهداف وزارة الدفاع والقصر الجمهوري في قلب دمشق يحمل دلالة عسكرية واضحة، ولكنه أيضًا يهدف إلى إظهار قدرة إسرائيل على ضرب مراكز السيادة السورية في أي وقت، لفرض شروطها وابتزاز دمشق سياسيًا.
اليد الطولى في المنطقة
وقال يوسف في تصريحات خاصة لموقع “نيوز رووم” إن “إسرائيل أرادت من خلال هذه الضربة أن تؤكد أنها تمتلك اليد الطولى في المنطقة، وأنها قادرة على فرض واقع جديد على الأرض، خاصة في ظل تعثر المشاريع الأمريكية في الشرق الأوسط، والتنامي النسبي لدور إيران والمقاومة”.
كما أشار إلى أن التوقيت يحمل دلالات مهمة، حيث يأتي القصف بعد أيام من هجمات إسرائيلية متواصلة على إيران استمرت 11 يومًا، مما يكشف عن “خطة إسرائيلية مدروسة لتصفية كل بؤر القوة التي قد تشكل تهديدًا استراتيجيًا في المستقبل”.
السويداء تحت المجهر.. والطائفة الدرزية في الحسابات
وفي مفارقة لافتة، ربط يوسف بين التصعيد الإسرائيلي في سوريا وتحركات الطائفة الدرزية داخل إسرائيل، حيث أكد أن تل أبيب تعتمد بشكل كبير على العناصر الدرزية في جيشها، خاصة في الوحدات القتالية، مما يجعل منطقة السويداء جنوب سوريا ذات حساسية مزدوجة بالنسبة لصناع القرار في تل أبيب.
وأوضح أن إسرائيل “ترسل رسائل مباشرة مفادها أن اقتراب الجيش السوري أو أي قوى غير مرخصة من منطقة السويداء يُعد خطًا أحمر”، مشيرًا إلى أن “أي تصعيد في هذه المنطقة قد يُهدد ولاء العناصر الدرزية في جيش الاحتلال، وهو ما تسعى إسرائيل لتفاديه بأي ثمن”.
خطة تقسيم سوريا.. ومشروع “المنطقة الآمنة”
وتحدث يوسف عن ما وصفه بـ”المخطط الإسرائيلي لتقسيم سوريا”، والذي يستهدف إنشاء منطقة آمنة في الجنوب السوري تشمل محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، بالإضافة إلى أجزاء من ريف دمشق، وخاصة جبل الشيخ، بحيث تكون هذه المنطقة منزوعة السلاح وتخضع فعليًا للرقابة الإسرائيلية.
وأشار إلى أن إسرائيل ترفض بشكل قاطع تمكين سوريا من استعادة سيادتها على الجنوب، وتسعى لإبقاء هذا الحزام الحدودي خاليًا من أي تهديد عسكري أو أمني، مضيفًا أن “إسرائيل لا تريد جارة قوية على حدودها الشمالية، لذلك تعمل على تدمير أي بنية تحتية قد تعزز من قدرة الدولة السورية على المقاومة”.
سوريا تطلب جلسة طارئة لمجلس الأمن
وعلى المستوى الدبلوماسي، أعلنت وزارة الخارجية السورية أنها بصدد تقديم طلب عاجل لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، وذلك لمناقشة “الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي تنتهك سيادة سوريا، وتعرض أمن المنطقة برمتها للخطر”، مشددة على أن “صمت المجتمع الدولي على هذه الانتهاكات شجع الاحتلال على المضي في سياساته العدوانية”.
ممكن يعجبك: الجيش السوداني يواجه هجوم قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر
من دمشق إلى بيروت.. وإيران على الخريطة
وفي ختام تحليله، أكد غسان يوسف أن التصعيد لن يتوقف عند سوريا، بل إن “المرحلة المقبلة قد تشهد هجومًا واسعًا على لبنان، نظرًا لاستمرار إسرائيل في قصف مناطق متفرقة من بيروت والجنوب اللبناني بشكل يومي”.
كما اعتبر أن الهدف الإسرائيلي الاستراتيجي يتمثل في “إعادة صياغة خريطة المنطقة بما يناسب مصالحها”، عبر تدمير حزب الله، وتحييد إيران، وإبقاء سوريا مقيدة عسكريًا، ضمن مشروع طويل الأمد تقوده حكومة بنيامين نتنياهو لإنتاج “شرق أوسط خالٍ من المقاومة”.