فرنسا تنسحب من السنغال بعد أكثر من 60 عامًا من الوجود العسكري

أعلنت وكالة الصحافة الفرنسية “أ ف ب” عن إنهاء وجودها العسكري في السنغال رسميًا، من خلال تسليم آخر قاعدتين عسكريتين لها في البلاد، وبذلك تُغلق فصلًا استمر لأكثر من ستة عقود من التواجد العسكري الفرنسي في هذه الدولة الواقعة غرب إفريقيا.

فرنسا تنسحب من السنغال بعد أكثر من 60 عامًا من الوجود العسكري
فرنسا تنسحب من السنغال بعد أكثر من 60 عامًا من الوجود العسكري

وتأتي هذه الخطوة في إطار مراجعة شاملة للسياسة العسكرية الفرنسية في إفريقيا، مدفوعة بتزايد الضغوط الشعبية والرسمية داخل القارة لإنهاء الوجود الأجنبي، خاصة الفرنسي، الذي استمر منذ الحقبة الاستعمارية وحتى السنوات الأخيرة.

وكانت السنغال قد احتضنت قواعد عسكرية فرنسية بعد استقلالها، بموجب اتفاقيات دفاع ثنائية، إلا أن الحكومة السنغالية دخلت في مفاوضات خلال الفترة الماضية للحد من هذا الوجود، في سياق توجهها نحو تعزيز السيادة الوطنية.

ويُنظر إلى هذا التطور باعتباره جزءًا من إعادة تموضع فرنسي أوسع على مستوى القارة، بعد تراجع النفوذ السياسي والعسكري لباريس في عدد من دول الساحل وغرب إفريقيا.

والموقعان الأخيران اللذان كانا لا يزالان تحت إشراف القوات الفرنسية حتى الآن هما “معسكر جيل” ومحطة الرصد الجوي العسكرية المتقدمة في مطار العاصمة دكار، ومن المقرر تسليمهما بالكامل قبل نهاية الشهر الجاري.

وبحسب وزارة الدفاع الفرنسية، فقد كان ما يقرب من 350 جنديًا فرنسيًا متمركزين ضمن ما يعرف بـ”العناصر الفرنسية في السنغال”، ومع إنهاء التواجد في القاعدتين، ينتهي رسميًا هذا الانتشار العسكري، بينما تعتزم باريس الإبقاء على التعاون العسكري ضمن صيغ غير دائمة، مثل “المعسكرات التشاركية” المعتمدة حاليًا في كل من الغابون وجيبوتي.

داكار: السيادة لا تعني القطيعة

من جانبه، حرص الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي، الذي تولى الحكم في عام 2024، على تبني خطاب واضح يدعو إلى إنهاء التواجد العسكري الفرنسي، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل استعادة للسيادة الوطنية.

وكان فاي قد أعلن في نوفمبر الماضي أن السنغال ستستعيد كامل سيادتها العسكرية بحلول منتصف 2025، قائلاً: “السنغال دولة مستقلة وذات سيادة، ولا يمكن للسيادة أن تتماشى مع وجود قواعد عسكرية أجنبية دائمة على أراضيها”

ورغم ذلك، شدد الرئيس السنغالي على أن هذه الخطوة لا تعني قطع العلاقات مع فرنسا، بل وصفها بأنها تمهيد لشراكة جديدة تركز على مجالات مثل التدريب العسكري، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والدعم التقني.

انسحاب أوسع من القارة

يأتي الانسحاب الفرنسي من السنغال ضمن موجة واسعة من انسحاب القوات الفرنسية من عدة دول إفريقية، بينها مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد والغابون، حيث أصبح التواجد الفرنسي مرفوضًا شعبيًا ورسميًا، في ظل تصاعد الخطاب الداعي إلى السيادة الوطنية ورفض النفوذ الخارجي، بحسب ما أوردته صحيفة لوفيغارو الفرنسية.

وقد أدى تزايد الانقلابات العسكرية في منطقة الساحل، إلى جانب الاحتجاجات الشعبية المناهضة لفرنسا، إلى تعثر العمليات العسكرية الفرنسية في إفريقيا، مثل عمليتي “برخان”.