بعد عقود من التغلغل تحت مظلة العمل الثقافي والخيري، تواجه جماعة الإخوان المسلمين لحظة مفصلية في القارة الأوروبية، حيث يبدو أن هناك “استفاقة سياسية وأمنية” تتجلى في عواصم أوروبية متعددة.

مقال مقترح: تحطم طائرة في عاصمة بنجلاديش وسقوط ضحايا بالقرب من الجامعة
فقد تمكنت الجماعة على مر السنين من استغلال البيئة الليبرالية والتمويلات غير الخاضعة للرقابة لبناء نفوذها بهدوء داخل المؤسسات والمجتمعات الغربية، متسلحة بخطاب حقوقي وإنساني ناعم، بينما تخفي خلفه أجندة عقائدية صلبة.
لكن اليوم، من باريس إلى بروكسل، تتصاعد التحذيرات من “اختراق ناعم” تقوده الجماعة عبر كيانات متعددة، حولت بعض مؤسسات الاتحاد الأوروبي إلى ساحة تأثير أيديولوجي يمتد أحيانًا خارج حدود القارة.
ما الذي فجّر هذا التحرك الآن؟
بحسب خبراء، فإن مواقف الجماعة من الحرب في غزة، وتماهيها مع فصائل مصنفة إرهابية مثل حماس، لعبت دورًا كبيرًا في كشف الوجه الحقيقي للتنظيم أمام الأوروبيين.
مقال له علاقة: قبو سري تحت إدارة بن غفير يحتجز شخصيات بارزة من حماس وحزب الله
كما كشفت تقارير أمنية فرنسية وبلجيكية عن ثغرات قانونية ومالية سمحت للإخوان بتلقي تمويل حكومي في بعض البلدان، ما عجّل بتحرك السلطات.
ويرى الباحث المتخصص في الإسلام السياسي ماهر فرغلي أن هناك “صحوة أوروبية” تتعامل بجدية مع خطر الجماعة، مشيرًا إلى أنها تمتلك هيكلاً مزدوجًا يمكّنها من التمدد داخل المؤسسات من خلال أكثر من 250 جمعية.
أما الخبير الأمني مجاهد الصميدعي، فيربط توقيت هذه الاستفاقة بتصاعد القلق الأمني وازدياد وعي الأجهزة الأوروبية بخطر الجماعات العابرة للحدود، خاصة بعد توثيق العلاقة بين بعض أنشطة الإخوان وخطاب الكراهية أو التحريض.
لماذا تأخرت هذه الصحوة؟
وفقًا لفرغلي، كانت هناك حسابات سابقة تمنع التصدي للجماعة بشكل مباشر، منها التخوف من انتقال عناصرها إلى تنظيمات أكثر عنفًا مثل داعش أو القاعدة، أو اعتبارها ورقة ضغط سياسية يمكن توظيفها في صراعات إقليمية.
كما يشير الصميدعي إلى أن الإخوان استفادوا طويلاً من الحماية القانونية بموجب حرية التعبير، في ظل غياب أدلة دامغة على تورطهم المباشر بأعمال عنف، أما طارق أبو زينب، فيرى أن التردد الأوروبي نبع من علاقات قديمة للجماعة مع بعض السياسيين، إضافة إلى التخوف من ردود فعل المجتمعات المسلمة.
ماذا عن مصير الإخوان في أوروبا؟
يقول فرغلي إن كثيرًا من كوادر الإخوان في أوروبا حاصلون على جنسيات أو ينتمون للجيل الثالث من المهاجرين، لكن بعضهم بدأ بالفعل يواجه قرارات بالطرد أو وضع تحت الرقابة، خاصة في فرنسا.
ويتوقع الصميدعي تصعيد الإجراءات ضدهم، مثل:
1-إلغاء إقامات.
2-إلغاء تصاريح لجوء.
3-تسليم بعضهم لبلدانهم الأصلية عند ثبوت تورطهم في دعم أنشطة متطرفة.
ويضيف أبوزينب أن بعضهم سيلجأ للتحايل بتغيير الأسماء أو المظلات القانونية لمؤسساتهم.
هل تحظر أوروبا الإخوان رسميًا؟
تشير التوقعات إلى أن الحظر بات مطروحًا بجدية في عدد من الدول، لكن الجماعة بطبيعتها المرنة والمتشعبة قد تلتف على هذه الإجراءات، فحتى إذا حُظر “مجلس مسلمي أوروبا”، قد تحل “الرابطة الإسلامية” محله، ثم “منظمة الشباب المسلم”، وهكذا دواليك.
مع ذلك، يشير باحثو المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب إلى توسع الإجراءات المرتقبة لتشمل على النحو التالي تجفيف منابع التمويل، وإغلاق الجمعيات التابعة ومراقبة الأذرع الإعلامية وربما الحظر الكامل في بعض الدول.