جدل بين الخبراء حول إمكانية إزاحة العملات المشفرة للدولار والذهب من مركز الأمان المالي

تتباين آراء خبراء الاقتصاد وسوق المال حول مستقبل العملات المشفرة، حيث يرى البعض أن “البيتكوين” أصبحت ملاذًا ماليًا بديلًا، بينما يحذر آخرون من المخاطر والتقلبات التي تصاحبها، فهل يمكن أن تحل هذه العملات يومًا محل الذهب أو الدولار كأدوات لحفظ القيمة في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية؟

جدل بين الخبراء حول إمكانية إزاحة العملات المشفرة للدولار والذهب من مركز الأمان المالي
جدل بين الخبراء حول إمكانية إزاحة العملات المشفرة للدولار والذهب من مركز الأمان المالي

هل تزيح العملات المشفرة الدولار والذهب من عرش الأمان المالي؟

مع تصاعد التوترات الجيوسياسية عالميًا وزيادة الضغوط على العملات التقليدية، أصبح الحديث عن العملات الرقمية كأصل استثماري بديل يتزايد، لكن الآراء لا تزال منقسمة بين مؤيدين ومتحفظين.

جمال الدين: العملات المشفرة لا تملك شرعية “الذهب والدولار”

أوضح الدكتور أحمد جمال الدين، الخبير الاقتصادي، أن العملات المشفرة لا يمكن اعتبارها بديلًا فعليًا للدولار أو الذهب حاليًا، حيث يتمتع الذهب بصفة “الملاذ الآمن” بفضل تاريخه الطويل كأداة لحفظ القيمة، بينما يظل الدولار العملة المرجعية الأساسية في النظام المالي العالمي.

وأشار جمال الدين إلى أن العملات الرقمية مثل “بيتكوين” و”إيثريوم” لا تزال شديدة التقلب، وتعتمد على مضاربات حادة وغير مستقرة، كما أنها تفتقر إلى الأطر الرقابية والتنظيمية الموحدة عالميًا، مما يُضعف من موثوقيتها كأداة لحفظ الثروة أو تسوية المعاملات على نطاق واسع، ورغم النمو الكبير في سوق الكريبتو، إلا أن هذه العملات تظل أصلًا عالي المخاطر، ولا يمكن مقارنتها بالذهب المتداول في البنوك المركزية أو الدولار المستخدم في غالبية الصفقات التجارية العالمية.

ورأى جمال الدين أن الحديث عن كون العملات المشفرة “بديلًا” هو تبسيط مفرط، موضحًا أن المقارنة الحقيقية يجب أن تكون بين أدوات مالية مستقرة تخضع لقواعد واضحة، وهو ما لا يتوفر بعد في أغلب العملات الرقمية، وأكد أن “العملات المشفرة قد تكون وسيلة استثمارية أو وسيلة دفع محدودة في بعض المجالات، لكنها ليست بديلًا استراتيجيًا عن الذهب أو الدولار، خاصة في أوقات الأزمات أو كاحتياطي نقدي للدول”.

عبد الهادي: البيتكوين بدأ يفرض نفسه كبديل في أوقات التوتر السياسي

في المقابل، يرى الدكتور محمد عبد الهادي، خبير سوق المال، أن العملات المشفرة، وخاصة “البيتكوين”، بدأت تفرض نفسها كأحد البدائل المحتملة للذهب والدولار، لا سيما في ظل التوترات السياسية والاقتصادية التي تدفع المستثمرين للبحث عن ملاذات آمنة خارج الأدوات التقليدية، وأوضح عبد الهادي أن هناك مؤشرات اقتصادية وسياسية عالمية تؤثر على حركة الأسعار، مثل قرارات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المتعلقة بفرض رسوم جمركية على دول مثل البرازيل والأرجنتين وتونس والجزائر وليبيا والفلبين، بالإضافة إلى العقوبات المفروضة على روسيا، وهذا ساهم في صعود الذهب والدولار، وفتح المجال أمام البيتكوين لأداء دور مشابه.

وأشار إلى أن بعض الدول اعترفت رسميًا بالعملات المشفرة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، مما يعزز من موقعها كأداة استثمارية بديلة، بينما لجأت دول أخرى مثل الصين ومصر إلى إصدار عملات رقمية وطنية للحد من هيمنة الدولار، وحذر عبد الهادي من أن الاقتصادات التي لا تعترف بالعملات الرقمية، مثل مصر، قد تكون عرضة لمخاطر مالية مستقبلًا في ظل غياب تشريعات واضحة تنظم هذا النوع من الأصول، مشددًا على أن الاعتراف الدولي والتشريعي هو ما سيحدد مستقبل العملات المشفرة كبديل حقيقي.