استأنفت الحكومة المصرية، اعتبارًا من اليوم الأحد، ضخ إمدادات الغاز الطبيعي إلى مصانع الأسمدة بنسبة 100%، بعد ما يقرب من شهرين من تقليصها إلى النصف، وذلك في إطار إجراءات طارئة لتوزيع الأحمال، نتيجة الاضطرابات الإقليمية التي أثرت على واردات البلاد من الغاز الطبيعي.

مواضيع مشابهة: البنك الأوروبي يدرس تمويل «الداو العقارية» بمبلغ 110 ملايين دولار
جاء هذا القرار بعد دخول وحدتي التغويز الثانية والثالثة الخدمة بميناء السخنة، مما وفر كميات إضافية من الغاز المسال المستورد، وهذا الأمر مكن الحكومة من إعادة التوازن بين احتياجات محطات الكهرباء وقطاعات الصناعة الثقيلة، خاصة مصانع الأسمدة والبتروكيماويات التي تأثرت بشكل كبير خلال الفترة الماضية.
ففي منتصف مايو الماضي، اضطرت الحكومة إلى تقليص كميات الغاز المورد لمصانع الأسمدة والميثانول بنسبة 50%، بسبب توقف أحد خطوط الاستيراد التي تعتمد عليها البلاد، وذلك بعد تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل وتأثيراتها على أمن الطاقة في المنطقة.
تزامن ذلك مع انخفاض في إنتاج مصر المحلي من الغاز الطبيعي، مما دفعها للعودة إلى استيراد الغاز المسال من السوق العالمية منذ العام الماضي، بعد أن كانت قد توقفت عن ذلك في 2018، وذلك بفضل الاكتشافات العملاقة، وأبرزها حقل “ظُهر” في شرق البحر المتوسط.
أولوية للكهرباء والصناعة
مع بداية فصل الصيف، ارتفع استهلاك محطات الكهرباء إلى قرابة 3.9 مليار قدم مكعب يوميًا، مما فرض ضغوطًا إضافية على شبكة الإمداد، بينما تُقدّر احتياجات القطاع الصناعي بحوالي 2.1 مليار قدم مكعب يوميًا، حيث تستهلك مصانع الأسمدة والبتروكيماويات وحدها ما بين 35% إلى 40% من هذه الكمية، وهو ما يعادل تقريبًا 0.7 مليار قدم مكعب يوميًا.
ورغم التحديات، تؤكد مصادر حكومية أن أولوية الإمداد كانت دائمًا لمحطات توليد الكهرباء، لضمان استقرار الشبكة الكهربائية، خاصة خلال أشهر الصيف التي تشهد ذروة الاستهلاك، ومع توافر الغاز المستورد مجددًا، أصبح بالإمكان إعادة التوازن لمنظومة التوزيع، مما يسمح للمصانع بالعمل بطاقتها القصوى.
مقال مقترح: مصر تحتل المرتبة 22 من 67 دولة في مؤشر أداء تغير المناخ لعام 2024
تداعيات الانقطاع على الصناعة
تسبب تقليص الإمدادات في توقف جزئي أو كلي لعدد من مصانع الأسمدة خلال الأسابيع الماضية، مما أثر على عمليات التوريد للسوق المحلية، وكذلك على تنفيذ العقود التصديرية المرتبطة بآسيا وأفريقيا، وتُعد مصر من أكبر منتجي الأسمدة في المنطقة، حيث تُصدّر كميات كبيرة من اليوريا والأمونيا إلى الأسواق الخارجية.
تشير بيانات الصناعة إلى أن توقف مصانع الأسمدة عن العمل بطاقتها الإنتاجية الكاملة قد يُخلّف آثارًا تضخمية على أسعار الأسمدة في السوق المحلي، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الاستيراد من الخارج، ومع ذلك، فإن استئناف الإمدادات بنسبة 100% يعزز فرص استقرار السوق المحلية وتحقيق فائض للتصدير في الأشهر المقبلة.
خطوات حكومية لتعزيز الأمن الطاقي
في سياق متصل، تعمل الحكومة على خطة متكاملة لتعزيز مرونة منظومة الطاقة، تشمل:
زيادة قدرات وحدات التغويز في ميناء السخنة لتصل إلى 3 وحدات فعّالة.
تنويع مصادر التوريد من خلال التعاقد مع موردين جدد للغاز المسال، خاصة من الأسواق الإفريقية والآسيوية.
الإسراع في تطوير الحقول المحلية، خاصة في دلتا النيل والبحر المتوسط، لضمان استدامة الإنتاج المحلي على المدى المتوسط.
كما يتم إعداد خطة لإعادة جدولة عقود تصدير الغاز المصري خلال أشهر الذروة، بما يسمح بتوجيه كميات أكبر إلى السوق المحلي حال الحاجة.