نشرت صحيفة “التايمز” البريطانية تقريرًا يسلط الضوء على استياء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، حيث منح ترامب بوتين مهلة 50 يومًا للإعلان عن وقف إطلاق النار في أوكرانيا، ورغم عدم ظهور أي قلق من جانب الكرملين تجاه هذه التصريحات، إلا أن تحركات ترامب أدخلت لاعبًا ثالثًا على الساحة السياسية الدولية وهو الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي يبدو أنه المستفيد الأكبر من التوترات الحالية.

اقرأ كمان: خامنئي في ملجأ سري بطهران وإسرائيل تؤجل اغتياله لمنحه فرصة أخيرة
تهديدات ترامب التجارية وتأثيرها المحدود
هدد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على الواردات الروسية، لكن صادرات روسيا إلى الولايات المتحدة تقدر بـ3 مليارات دولار فقط، وهو ما يمثل أقل من 1% من إجمالي صادراتها، مما يجعل هذا التهديد غير ذي تأثير كبير على موسكو، أما التهديد الأكثر جدية فهو فرض رسوم ثانوية على الدول التي تستورد النفط الروسي، الذي يمثل إيراداته نحو 192 مليار دولار سنويًا، ومع ذلك فإن معظم هذه الصادرات تتجه إلى الصين والهند، مما يصعب على هاتين الدولتين إعادة توجيه مشترياتهما في الوقت الحالي، كما أن فرض هذه الرسوم قد يتسبب في اضطرابات في السوق العالمية وارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة، وهو أمر حساس سياسيًا للرؤساء الأمريكيين.
شي جين بينغ.. الحليف الأقوى لبوتين
في هذا السياق، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال لقائه مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على ضرورة تعزيز الدعم المتبادل بين البلدين، حيث وصفت وزارة الخارجية الصينية الرسوم الجمركية الأمريكية بأنها “عقوبات أحادية غير قانونية”، وشدد وزير الخارجية الصيني وانغ يي على أن غزو بوتين لأوكرانيا كان “نعمة” لبكين، لأنه أبقى الغرب مشغولًا في أوروبا بدلاً من المحيط الهادئ، مما يصب في مصلحة الصين التي لا يمكنها تقبل هزيمة روسيا.
الدعم العسكري الصيني لموسكو
لم تقتصر الصين على الدعم الدبلوماسي فقط، بل قدمت مساعدات عسكرية ملموسة تشمل تزويد روسيا بمعدات “ذات استخدام مزدوج” تشمل تقنيات متقدمة مثل كابلات الألياف الضوئية للتحكم في الطائرات المسيرة وأنظمة دفاع ليزر منخفضة الارتفاع، كما أُبلغ عن مشاركة جنود صينيين في صفوف الجيش الروسي، وربما مرور ذخيرة صينية عبر كوريا الشمالية.
من نفس التصنيف: روسيا تحذر من إرسال أسلحة جديدة إلى أوكرانيا مع تفاصيل إضافية
الهيمنة الصينية في مناطق حيوية
بالرغم من الحديث عن “محور الاضطرابات” بين روسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية، إلا أن العلاقات بين هذه الدول تبقى قائمة على مصالح محدودة وتبادل تجاري، وقد توسع نفوذ الصين كلاعب رئيسي في المنطقة، في آسيا الوسطى ودول مثل لاوس وكوبا وأفريقيا من خلال مبادرات اقتصادية وعسكرية، مما يعكس تحولًا تدريجيًا في موازين القوى بعيدًا عن موسكو.
توترات بين الصين وروسيا في الخفاء
لا تخلو العلاقة بين البلدين من التوترات، فقد تسربت تقارير استخباراتية روسية تشير إلى تصاعد عمليات التجسس الصينية على موسكو، بينما تخضع الأجهزة الصينية لاختبارات كشف الكذب عند عودتها من مهام في روسيا، خوفًا من تجنيدها من قبل الاستخبارات الروسية.
بناء نظام عالمي بديل تحت قيادة الصين
كما تستغل الصين الحرب في أوكرانيا لتعزيز اعتماد روسيا عليها اقتصاديًا، عبر توسيع استخدام نظام الدفع الصيني (CIPS) كبديل لشبكة “سويفت”، وترويج مؤسسات مالية وأمنية جديدة تنافس الهيئات الغربية التقليدية، وفي ظل هذا التحول، يبدو أن ترامب الذي راهن على قدرة الصين في الضغط على روسيا، قد أخطأ التقدير، حيث يسعى شي جين بينغ لتقوية تحالفه مع موسكو، معترفًا بتناقص النفوذ الأمريكي الأحادي القطبية في العالم، كما يدل فشل ترامب في كسر تحالف موسكو وبكين على تحول جذري في النظام الدولي، بينما تسعى الصين لتأسيس نظام عالمي جديد يعكس قوتها المتزايدة، يظل الرئيس شي جين بينغ اللاعب المحوري في توجيه مستقبل الصراع الأوكراني والعلاقات الدولية، متجاوزًا كل التوقعات ومغيرًا قواعد اللعبة السياسية الكبرى.