وسط أزمة اقتصادية مستمرة وضغوط تمويلية متزايدة، أنهى قطاع البترول المصري عام 2025 بصورة معقدة تجمع بين بعض الإشارات الإيجابية في مجالات الإنتاج والتطوير الرقمي، وبين إخفاقات مزمنة تعوق تنافسيته وتهدد استدامته، وذلك وفقًا لتصريحات مصدر مسؤول بقطاع البترول، فضل عدم ذكر اسمه.

مقال مقترح: سعر الذهب يستقر في منتصف تعاملات الأحد 13/7/2025 مع الحفاظ على قيمته
كشف حساب البترول في 2025
وفيما يلي قراءة شاملة لـ”كشف الحساب” غير المعلن للقطاع، بين الإنجازات والتراجعات، وبين ما تحقق وما تعثر.
إنتاج الغاز: تحسن محدود دون قفزات
قال المصدر إن إنتاج الغاز الطبيعي ارتفع من 3.5 إلى 4.2 مليار قدم مكعب يوميًا خلال العام، بفعل ربط مشروعات تطوير جديدة وبعض الحقول القديمة، دون الحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية.
وأضاف أن هذا التحسن لا يُعتبر طفرة، لكنه “خطوة جيدة” في ظل التحديات التي واجهها القطاع، خصوصًا بعد فترات جمود شهدها عام 2023 و2024.
رقمنة الاستكشاف: خطوة على الطريق الصحيح
أكد المصدر أن المنصات الرقمية لعرض بيانات البحث والاستكشاف باتت مفعّلة بنسبة 100%، مما أتاح للمستثمرين المحليين والدوليين الوصول إلى الخرائط والمسوحات الجيولوجية بسهولة، دون الحاجة إلى إجراءات تقليدية، في خطوة وُصفت بأنها “تحوّل نوعي” في بيئة اتخاذ القرار الاستثماري.
فجوة إنتاج واستهلاك.. واستيراد يرهق الميزانية
رغم التحسن النسبي في الإنتاج، أشار المصدر إلى أن الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك ما تزال قائمة، خصوصًا في شهور الذروة، حيث تجاوز الطلب 6.5 مليار قدم مكعب يوميًا مقابل إنتاج لا يتجاوز 4.2 مليار، ما استدعى استيراد نحو 2 مليار قدم مكعب يوميًا من مصادر خارجية، أبرزها إسرائيل ووحدات التغييز العائمة.
وأوضح أن هذا الاستيراد “مرهق ماليًا”، حيث يتم شراء الغاز بتكلفة دولارية مرتفعة للغاية في وقت يعاني فيه الاقتصاد من شح العملة الصعبة.
ديون الكهرباء: عائق للاستقرار والإنتاج
كشف المصدر أن مديونيات قطاع الكهرباء لوزارة البترول تجاوزت 350 مليار جنيه (نحو 7 مليارات دولار)، وهو ما يُعد أحد أبرز أسباب التأخر في سداد مستحقات الشركاء الأجانب وتأخير مشروعات التطوير.
واعتبر أن استمرار هذه التشابكات يُعبّر عن “فشل حكومي مشترك في إدارة الملف”، داعيًا إلى آلية مركزية تضمن سرعة الحسم وتوحيد القرار.
توقف مشروعات وتراجع الاستثمارات
قال المصدر إن عدة مشروعات بتروكيماوية كبرى لم تدخل حيز التنفيذ الفعلي، رغم الإعلان عنها في أكثر من مناسبة، مثل مجمع العلمين ومجمع السويس الجديد، نتيجة:
تأخر في التمويل،.
ضعف البيئة الاستثمارية،.
تقلب سعر الصرف وغياب ضمانات طويلة الأجل،.
ضعف الإقبال على المزايدات الجديدة.
رغم إعلان بعض المزايدات في مناطق جديدة، إلا أن الإقبال عليها كان محدودًا من الشركات الكبرى، بسبب تشدد بعض الشروط التعاقدية، وبطء الإجراءات، وعدم وجود مرونة كافية في توزيع الإنتاج والعوائد، بحسب المصدر.
نزيف الكفاءات الفنية.
أشار المصدر إلى أن قطاع البترول فقد أعدادًا كبيرة من الكفاءات الفنية والإدارية خلال العامين الأخيرين، بسبب ضعف الرواتب مقارنة بالفرص الخارجية، ما انعكس على بعض جوانب التشغيل والصيانة في الشركات التابعة.
دعم مرهق للمنتجات البترولية.
أكد المصدر أن تكلفة دعم الوقود وصلت في بعض الفترات إلى نحو مليار جنيه يوميًا، مشيرًا إلى أن 50% من احتياجات السولار تُستورد من الخارج بواقع 40 ألف طن يوميًا، ما يكلف الدولة 750 مليون جنيه يوميًا فقط لدعم السولار.
تسعير غير تنافسي للغاز الصناعي.
لا تزال القطاعات الصناعية تشكو من ارتفاع أسعار الغاز المحلي، ما يُفقدها القدرة على المنافسة مع نظيراتها في تركيا والهند، وسط تأخر مستمر في اتخاذ قرار حاسم بمراجعة أسعار الغاز للمصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة.
غياب الشفافية والحوكمة.
انتقد المصدر غياب الشفافية في بعض ملفات التعاقدات والتسعير، مطالبًا بتطوير منظومة الحوكمة والإفصاح بما يُعيد الثقة للمستثمر المحلي والأجنبي.
قال المصدر إن قطاع البترول “ما يزال يحتفظ بإمكانيات ضخمة”، لكنه يحتاج إلى قرارات هيكلية جريئة تشمل:
تحسين الحوافز للمستثمرين،.
معالجة فجوة التمويل،.
مقال مقترح: البنك المركزي يطرح اليوم سندات خزانة بقيمة 16 مليار جنيه
تطوير نظم الحوكمة والتسعير،.
وقف النزيف البشري من الكفاءات،.
مؤكدا أنه، بلا إصلاح حقيقي، سيتحول أي تحسن في الإنتاج إلى رقم مؤقت لا يصنع استدامة أو تنافسية حقيقية.