في ذكرى ميلاد محمد رشدي.. صوت الريف المصري الذي أثر في وجدان الوطن

في مثل هذا اليوم من عام 1928، وُلد أحد أعمدة الغناء الشعبي المصري، الفنان الكبير، الذي ترك بصمة خالدة في الوجدان الفني العربي بصوته القوي، وأدائه الصادق المتجذّر في الأرض والموروث الشعبي، وبمناسبة ذكرى ميلاده، نستعيد سيرة فنانٍ لم يكن مجرد مطرب، بل صوتًا للشارع والقرية والنخيل والمواويل، وصاحب مدرسة غنائية تركت أثرًا لا يُمحى.

في ذكرى ميلاد محمد رشدي.. صوت الريف المصري الذي أثر في وجدان الوطن
في ذكرى ميلاد محمد رشدي.. صوت الريف المصري الذي أثر في وجدان الوطن

النشأة والبداية

وُلد محمد محمد رشدي في مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ في 20 يوليو 1928، نشأ في بيئة ريفية بسيطة، لكنها غنية بتراثها الموسيقي الشعبي، مما كان له بالغ الأثر في تشكيل وعيه الفني، بدأت موهبته تظهر في سن مبكرة، وكان يشارك في المناسبات المحلية بالغناء، ثم انتقل إلى القاهرة ليحقق حلمه الكبير، التحق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى (الكونسرفتوار حاليًا)، حيث صقل موهبته أكاديميًا.

بداية مسيرته الفنية

بدأ محمد رشدي حياته الفنية كمطرب في الإذاعة المصرية في أوائل الخمسينيات، وقدَّم مجموعة من الأغاني العاطفية، لكنه سرعان ما اكتشف أن صوته يجد أصداءً أقوى في الأغاني الشعبية، وكانت نقطة التحول الكبرى في مسيرته عندما تعاون مع الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي والملحن بليغ حمدي، وهي الشراكة التي صنعت له هوية فنية فريدة، وقدّمت لنا واحدة من أنقى وأقوى التجارب في الغناء الشعبي المصري.

أبرز أعماله الفنية

محمد رشدي قدم ما يزيد عن 300 أغنية، ومن أشهر أغانيه: عدوية، طاير يا هوا، بهية، كعب الغزال، لما المواعيد تتأجل، يا أمّ المركب، موال تحت الشتا، يا ليلة عودي تاني، كما برع في تقديم الموال الشعبي، فكان واحدًا من أعظم من أنشده بإحساس وقوة وجمال، حتى لُقِّب بـ “ملك المواويل”

محمد رشدي في السينما

لم تقتصر مسيرة محمد رشدي على الغناء فقط، بل شارك أيضًا في عدد من الأفلام السينمائية، وكان أبرزها: فيلم عدوية بالاشتراك مع شريفة فاضل، فيلم ورد الغرام، فيلم شاطئ الغرام، فيلم أدهم الشرقاوي، رغم أنه لم يكرّس نفسه للتمثيل، فإن حضوره في السينما أضاف لجمهوره جانبًا جديدًا من شخصيته الفنية

الجوائز والتكريم

نال محمد رشدي خلال مسيرته العديد من الجوائز والتكريمات، أبرزها: وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، تكريم من مهرجان الأغنية المصرية، جائزة الإذاعة المصرية عن مجمل أعماله، وقد تم تكريمه في حياته وبعد وفاته من عدة مؤسسات ثقافية وفنية، تقديرًا لدوره في ترسيخ الأغنية الشعبية المصرية

رحيله عن العالم

رحل محمد رشدي في 2 مايو 2005، عن عمر ناهز 76 عامًا، بعد صراع مع المرض، ورغم وفاته، ظل صوته يصدح في الذاكرة الجمعية للمصريين والعرب، ليبقى خالدًا كأحد رموز الغناء المصري الأصيل.

تحل ذكرى ميلاد محمد رشدي، في وقت ما زال فيه الغناء الشعبي يبحث عن هويته المفقودة، ويظل رشدي نموذجًا يُحتذى به للفنان الذي احترم الكلمة، وصان اللحن، وتحدث بلسان الناس البسطاء فخلّدوه في قلوبهم، فهو ليس مجرد مطرب، بل تاريخ ممتد من الحب والصدق والأرض.