حرق الغاز يصل لأعلى مستوى منذ 2007 وخسائر تبلغ 63 مليار دولار وفق تقرير دولي

في وقتٍ يواجه فيه العالم تحديات معقدة في مجالات الطاقة والمناخ، أطلق البنك الدولي إنذارًا جديدًا من خلال كشفه عن ارتفاع حرق الغاز عالميًا إلى أعلى مستوياته منذ عام 2007، محذرًا من تداعيات كارثية على الأمن المناخي والطاقي في العالم.

حرق الغاز يصل لأعلى مستوى منذ 2007 وخسائر تبلغ 63 مليار دولار وفق تقرير دولي
حرق الغاز يصل لأعلى مستوى منذ 2007 وخسائر تبلغ 63 مليار دولار وفق تقرير دولي

حرق الغاز يبلغ أعلى مستوى منذ 2007

 

أوضح تقرير “الرصد العالمي للحرق التلقائي للغاز” الصادر عن البنك أن كمية الغاز المحترق وصلت إلى 151 مليار متر مكعب في عام 2024، بزيادة قدرها 3 مليارات متر مكعب عن العام السابق، مما يمثل انتكاسة كبيرة للجهود الدولية الرامية لخفض الانبعاثات.

وأشار البنك إلى أن هذه الكمية المهدرة تعادل طاقة بقيمة 63 مليار دولار، وأسفرت عن انبعاث نحو 389 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، من بينها 46 مليون طن من الميثان، وهو أحد أقوى الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

ورغم أن بعض الدول حققت تقدمًا في تقليص الحرق، إلا أن 9 دول فقط لا تزال مسؤولة عن 75% من عمليات الحرق عالميًا، رغم أنها لا تمثل سوى أقل من نصف إنتاج النفط العالمي، مما يبرز فجوة كبيرة في الالتزام الدولي للحد من هذه الممارسة.

انبعاثات بلا داعٍ

أظهرت بيانات الأقمار الصناعية أن كثافة الحرق، أي كمية الغاز المحترق لكل برميل نفط، لم تتراجع بشكل ملحوظ خلال الـ15 عامًا الماضية، مما يشير إلى فشل السياسات الحالية في كبح هذه الظاهرة.

وفي هذا السياق، قال د. محمد عبد الفتاح، خبير الطاقة، إن الأرقام التي كشفها البنك الدولي “صادمة لكنها ليست مفاجئة”، مضيفًا أن حرق الغاز يمثل هدرًا مزدوجًا؛ اقتصاديًا لأنه يُهدر موردًا يمكن بيعه أو تحويله لطاقة محلية، وبيئيًا لأنه يطلق كميات ضخمة من الغازات الملوثة، وعلى رأسها الميثان وثاني أكسيد الكربون.

وأضاف عبد الفتاح في تصريح خاص ل”نيوز رووم” أن “المفارقة أن هذا الغاز يُحرق في دول تعاني بعضها من نقص حاد في الكهرباء أو تسعى لاستيراد الغاز بأسعار مرتفعة”، مؤكدًا أن “غياب السياسات الرادعة والتشريعات الملزمة يجعل الممارسات الحالية مستمرة رغم الخسائر، رغم توافر التكنولوجيا والتمويل من جهات دولية كالبنك الدولي”.

التزام الدول يحدث فارقًا

أكد التقرير أن الدول التي انضمت إلى مبادرة “الحد من الحرق الروتيني للغاز بحلول 2030” حققت تقدمًا ملحوظًا، حيث خفّضت من كثافة الحرق بنسبة 12% منذ عام 2012، مقارنةً بارتفاع 25% في الدول غير الموقعة.

“الحرق الروتيني” يشير إلى إحراق الغاز المصاحب لإنتاج النفط بدلًا من معالجته أو استخدامه، مما يضيع فرصًا هائلة لاستغلاله في إنتاج الطاقة أو التصدير.

حلول واقعية.. وتحديات سياسية

من جانبه، قال زوبين بامجاي، مدير برامج الشراكة العالمية بالبنك الدولي، “إذا لم تُعطِ الحكومات والمشغلون الأولوية لتقليل الحرق، فستستمر هذه الممارسة، الحلول موجودة”.

 

ويقدم البنك الدولي دعمًا من خلال “الشراكة العالمية لتقليل الحرق والميثان”، التي تتيح منحًا فنية وتنظيمية ومشروعات تجريبية، مثلما حدث في أوزبكستان، حيث خُصص 11 مليون دولار لرصد وإصلاح تسربات الميثان، مما قلّل الانبعاثات بواقع 9 آلاف طن سنويًا، مع إمكانية الوصول إلى 100 ألف طن.

وأكد الخبير أن استمرار حرق الغاز على هذا النطاق يُمثل خسارة ثلاثية للأمن الطاقي والمناخي والاقتصادي، ومع توافر التكنولوجيا والدعم، تبقى الإرادة السياسية والمحاسبة البيئية هي المفتاح لتغيير هذا الواقع.