كشف عمرو فاروق، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، عن الأسباب التي دفعت حركة “حسم” إلى نشر مقطع فيديو يتضمن تهديدًا للأمن القومي المصري، مشيدًا بدور الأجهزة الأمنية في التصدي للعنف وتجفيف منابع هذه الجماعات والتنظيمات المسلحة التي يتم تحريكها من الخارج.

اقرأ كمان: مصر تطلق حملة دولية للترويج لسياحة اليخوت تحت شعار Sail to Egypt
أسباب نشر “حسم” للفيديو وأهداف الإخوان
قال عمرو فاروق في تصريحات خاصة لموقع “نيوز رووم”، إن نشر حركة “حسم” لإصدار مرئي جديد يتضمن تهديدات صريحة للأمن القومي المصري، بعد سنوات من الاختفاء منذ عملية تفجير معهد الأورام عام 2019، يأتي في إطار الدور الوظيفي لجماعة الإخوان لتحقيق مجموعة من الأهداف.
وأشار إلى أن من بين هذه الأهداف إعادة تشكيل الصورة الذهنية التي توحي بأن الحركة لا تزال قائمة وقادرة على مواجهة العنف، وكذلك محاولة تشتيت جهود الأجهزة الأمنية وإرباك المشهد الداخلي من خلال فتح جبهات متعددة، والزعم بأن الدولة المصرية ما زالت تواجه التنظيمات الأصولية المسلحة، ما قد يؤثر على الوضع الاقتصادي والاستثماري.
وأضاف “فاروق”: “بالإضافة إلى ذلك، يسعى التنظيم إلى تحفيز الخلايا النائمة والحاضنة المتعاطفة مع الإسلام السياسي وجماعة الإخوان للخروج ضد النظام، واستغلال بعض القصور في الأوضاع الداخلية، ومحاولة الضغط على القيادة السياسية لتمرير فكرة المصالحة والإفراج الصحي عن قيادات مكتب الإرشاد كبديل لسيناريو عودة العمليات المسلحة، خاصة في ظل التقلبات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط”
وتابع الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي: “أما الرسالة الأخيرة فتتعلق بالممول والمحرك الرئيسي لهذه الحركات المسلحة، من أجل الضغط على القيادة المصرية فيما يخص ملف التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، كما لا يمكن تجاهل انزعاج الكيان الصهيوني من البنية التحتية العسكرية الضخمة في سيناء، وكذلك التحفظ على تنوع مصادر تسليح الجيش المصري خلال الفترات الأخيرة”
تجسيد حقيقي لأفكار البنا وقطب
لفت عمرو فاروق إلى أن حركة “حسم” تمثل تجسيدًا حقيقيًا لأفكار وأدبيات حسن البنا وسيد قطب، وتعتبر امتدادًا صريحًا للتنظيم السري المسلح الذي أسسه البنا في الأربعينات، والذي تورط في العديد من العمليات الإرهابية، ولا يمكن اعتبارها نقطة تحول في تاريخ الجماعة سواء على المستوى الفكري أو التنظيمي.
وأكد أن حركة “حسم” خرجت معتمدة على مجموعة من الدراسات الفكرية التي طرحتها الهيئة الشرعية للجماعة عقب سقوطها، والتي عبرت بوضوح عن الخط الفكري للتنظيم الإخواني، مثل دراسة “فقه الاختبار والمحنة” التي قدمها مفتي الإخوان الدكتور عد الرحمن البر، وكتاب “فقه المقاومة الشعبية”، الذي يعتبر دراسة فقهية وشرعية لتوظيف العنف المسلح لخدمة الجماعة في مواجهة الأنظمة السياسية الحاكمة، بالإضافة إلى كتاب “دليل السائر ومرشد الحائر” وكتاب “كشف الشبهات.. عما وقع فيه الناس من اختلافات”.
وواصل: “بالإضافة إلى وثيقة (رد الاعتداء على الحركة الإسلامية) التي كتبها سيد قطب، وتم تسريبها من داخل السجن قبل إعدامه، حيث دعا فيها إلى ضرورة هدم الدولة المدنية لإقامة الدولة الإسلامية، وهي فكرة تتفق تمامًا مع نظرية “النكاية والانهاك” التي طرحها كتاب “إدارة التوحش”، الذي يعتبر من أهم المرجعيات الفكرية لتنظيم القاعدة وتنظيم داعش”
الأسماء في بيان الداخلية مجموعة “تيار التغيير”
أوضح “فاروق”، أن المجموعة التي وردت أسماؤهم في بيان الداخلية صباح اليوم هي ذاتها المجموعة التي تطلق على نفسها “تيار التغيير”، وقد دشنت مشروعًا مسلحًا تحت مسمى “ميدان”، يستهدف فرض الجماعة ومشروعها بالقوة وباستخدام العنف، مع الاعتماد على التوجهات الفكرية لسيد قطب، فضلًا عن تحالفها مع رموز “الجبهة السلفية” مثل أحمد مولانا ومحمد الهامي، وهما من تلاميذ رفاعي سرور.
مقال له علاقة: الخيانة عبر التاريخ: من ديليسبس إلى الخنفس وأسهم عرابي
واستكمل: “مشروع ميدان يستهدف بناء روابط داخل المناطق والأحياء والجامعات من أتباع “الإسلام الثوري”، تمهيدًا للحشد الجماهيري وتحقيق مخططهم في صناعة “انفجار وغضب شعبي”، ويعمل على استقطاب دوائر الأصوليين والإسلام السياسي، وفي مقدمتهم التيارات السلفية”
وشدد “فاروق” على أن خلية مشروع “ميدان”، الإرهابية تؤمن بنظرية “التغيير من أعلى” أو استراتيجية المدرسة الثانية التي طرحها سيد قطب، من خلال الاشتباك مع النظام السياسي، والإعداد والتجهيز لحراك مسلح أو انفجار شعبي في مختلف قطاعات الدولة.
ويُضيف: “تم التخطيط لأهداف هذا المشروع داخل “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”، الذي تم تأسيسه في اسطنبول عام 2014، وأكاديمية تسمى “العلاقات الدولية”، التي يشرف عليها القيادي الإخواني عصام عبد الشافي، والتي تأسست عام 2017 في منطقة يني بوسنا في مدينة إسطنبول، وتتولى تدريب شباب الجماعة على دورات الاستخبارات وأمن المعلومات والجماعات، وتقنيات التجنيد في العمليات الخاصة والاتصال الشخصي والاتصال بالجماهير، وحروب العصابات والحرب النفسية وحرب الشائعات
“حسم” أخطر تجليات التطرف داخل الإخوان
يرى عمرو فاروق أن حركة “حسم” تمثل أخطر تجليات التطرف والعنف المسلح داخل جماعة الإخوان، وتجسد حقيقي للكثير من الجماعات الأصولية في توظيف العنف كوسيلة لاستعادة النفوذ، ورغم الضربات الأمنية القوية، فإن التهديد لا يزال قائمًا في ظل وجود حواضن فكرية وتمويل خارجي، مما يتطلب استمرار الحذر، وتبني استراتيجية شاملة تجمع بين الأمني والفكري والمجتمعي لتجفيف منابع الإرهاب نهائيًا وحماية الأجيال الجديدة من مخاطر الجماعات الأصولية وأجندة أهدافها التخريبية.
واختتم الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية تصريحاته الخاصة قائلًا: “الأجهزة الأمنية لديها دور قوي في وقف تزييف الدماء والعنف وتجفيف منابع هذه الجماعات والتنظيمات المسلحة التي يتم تحريكها من الخارج، وذلك من خلال اليقظة والضربات الاستباقية”
رصد عناصر “حسم” بعد فيديو توعدت بعمليات إرهابية
أعلنت وزارة الداخلية في بيان رسمي صادر اليوم السبت، أن الأجهزة الأمنية رصدت أسماء عناصر من حركة “حسم” الإرهابية بإعداد مقطع فيديو دعائي، جرى تداوله على نطاق واسع عبر عدد من منصات التواصل الاجتماعي، يظهر تدريبات عسكرية لعناصر تابعة للتنظيم في منطقة صحراوية بإحدى الدول المجاورة.
أكد البيان أن الفيديو تضمّن محتوى تحريضيًا وتهديدًا مباشرًا بتنفيذ عمليات عدائية داخل البلاد، في إطار محاولات يائسة من التنظيم لإثارة القلق وزعزعة الاستقرار.
وأوضح البيان أن الوزارة تتعامل مع هذه التهديدات بمنتهى الجدية، مشيرًا إلى أن الأجهزة المختصة تقوم حاليًا بتكثيف جهودها لتحديد هوية المشاركين في الفيديو، وتتبع كافة العناصر المتورطة داخل وخارج البلاد بالتنسيق مع الجهات المعنية.