يُعتبر تشغيل الأطفال ظاهرة عالمية خطيرة، لا تقتصر على منطقة معينة، وتُشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الطفل الأساسية، فبدلًا من أن يقضي الأطفال طفولتهم في اللعب والتعليم والنمو في بيئة آمنة، يُدفعون إلى سوق العمل في ظروف قاسية تهدد صحتهم الجسدية والنفسية، وتحرمهم من مستقبل مشرق.

ممكن يعجبك: طفلة البحيرة تروي لـ “نيوز رووم” تفاصيل إصابتها بالعمى بعد استجابة رئيس الوزراء
الأسباب الجذرية لتشغيل الأطفال
تتعدد الأسباب التي تدفع الأطفال إلى العمل، وتتداخل فيما بينها لتشكل بيئة خصبة لانتشار هذه الظاهرة، يُعتبر الفقر المحرك الرئيسي لتشغيل الأطفال، فالعائلات الفقيرة غالبًا ما تعتمد على دخل أطفالها لسد الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والمأوى، وعدم توفر فرص تعليم جيدة ومجانية، أو ارتفاع تكلفة التعليم، يدفع الأطفال إلى ترك المدارس والبحث عن عمل، في مناطق النزاعات والكوارث، تتدهور الظروف المعيشية، وتزداد حالات تشغيل الأطفال نتيجة النزوح وفقدان سبل العيش، في بعض المجتمعات، تُشجع الأعراف الاجتماعية على عمل الأطفال، خاصة في القطاعات الزراعية أو الحرفية، تحت مسمى “تعلم المهنة”، وغياب الوعي والقوانين الصارمة ونقص الوعي بمخاطر تشغيل الأطفال، أو ضعف تطبيق القوانين الرادعة، يساهم في تفاقم المشكلة.
المخاطر الجسدية والنفسية
يُعرض تشغيل الأطفال لعدة إصابات خطيرة نتيجة العمل في بيئات غير آمنة، مثل مواقع البناء، المصانع، أو العمل مع آلات خطرة، يعانون من أمراض تنفسية، جلدية، وهضمية بسبب التعرض للمواد الكيميائية الضارة، الأتربة، وسوء التغذية، وساعات العمل الطويلة والجهد البدني الشاق تؤدي إلى الإرهاق الشديد ونقص التغذية، مما يؤثر على نموهم وتطورهم.
حرمان الأطفال من حقهم في التعليم يقضي على فرصهم في الحصول على مستقبل أفضل، ويحد من إمكانياتهم، كما يتعرض الأطفال العاملون للاستغلال، والاعتداء الجسدي، اللفظي، وحتى الجنسي من قبل أرباب العمل أو زملاء العمل الأكبر سنًا، ويعانون من القلق، الاكتئاب، انعدام الثقة بالنفس، ومشاكل في التكيف الاجتماعي نتيجة للضغوطات النفسية التي يتعرضون لها، غالبًا ما يفتقر الأطفال العاملون إلى الفرص للتفاعل مع أقرانهم، مما يؤدي إلى عزلة اجتماعية وشعور بالوحدة.
لا تقتصر مخاطر تشغيل الأطفال على الطفل نفسه، بل تمتد لتُحدث تداعيات سلبية على المجتمع بأكمله، يُعيق تشغيل الأطفال جهود التنمية في الدول، حيث يحرم المجتمع من جيل متعلم ومؤهل قادر على المساهمة بفاعلية في الاقتصاد، الأطفال العاملون غالبًا ما يكبرون ليصبحوا بالغين غير مؤهلين لمهن ذات دخل مرتفع، مما يديم دائرة الفقر عبر الأجيال، وقد ينخرط الأطفال العاملون، خاصة الذين يتعرضون للإساءة، في سلوكيات منحرفة أو جرائم نتيجة للظروف القاسية التي يعيشونها.
شوف كمان: ضبط جرار مخالف يسير عكس الاتجاه بـ 4 مقطورات في كفر الشيخ
جهود المكافحة والتوصيات
تتطلب مكافحة تشغيل الأطفال تضافر الجهود على المستويات المحلية والدولية، توفير تعليم مجاني وذو جودة عالية، وتقديم حوافز للأسر لإبقاء أطفالهم في المدارس، وتنفيذ برامج تنمية اقتصادية واجتماعية تستهدف الأسر الأكثر فقرًا، وتوفير فرص عمل كريمة للبالغين، وتفعيل وتطبيق القوانين الوطنية والدولية التي تجرم تشغيل الأطفال، وتوقيع عقوبات صارمة على المخالفين، ونشر الوعي بمخاطر تشغيل الأطفال وتأثيراته السلبية على الفرد والمجتمع.