شنّت مجموعة “العصفور المفترس” المرتبطة بالحكومة الإسرائيلية هجوماً إلكترونياً مدمّراً على البنوك الإيرانية، مستهدفة البنية التحتية المالية للحرس الثوري، ما أسفر عن خسائر تُقدّر بنحو 90 مليون دولار من العملات المشفّرة، ويعتبر هذا الهجوم من بين الأجرأ في تاريخ الهجمات السيبرانية خلال العقود الأخيرة.

مقال مقترح: تصعيد بين الصين وأوروبا احتجاج بكين على عقوبات بنوكها بسبب روسيا
تلا ذلك الحرب الإلكترونية الصامتة بين إسرائيل وإيران، التي استمرت 12 يوماً في يونيو، مما أدى إلى موجة من الهجمات المنظمّة على النظام المالي الإيراني، وعلى عكس عمليات القرصنة التقليدية التي تركز على الفدية أو تعطيل الخدمات، اتخذت مجموعة “العصفور المفترس” نهجاً أكثر عدوانية، حيث سعت لتدمير الأصول الرقمية ومحو البيانات المصرفية بالكامل.
بنك سبه في مرمى النيران
كانت البداية مع بنك سبه، الذي يُعتبر أقدم وأهم بنك حكومي يخدم المؤسسة المالية للحرس الثوري الإيراني، وقد أدى الهجوم إلى شلل تام، حيث توقفت أجهزة الصراف الآلي، وتعطلت الخدمات المصرفية الإلكترونية والورقية، فضلاً عن توقف مدفوعات الرواتب والمعاشات.
مقال مقترح: “دي فانس يأمل في عودة إيلون ماسك إلى الحزب الجمهوري بعد خلافه مع ترامب”
ومن جانبها، أعلنت مجموعة “العصفور المفترس” مسؤوليتها الكاملة عن الهجوم، مؤكدة قدرتها على الوصول العميق والتام إلى البنية المصرفية للدولة، وقد أحدثت الضربات الإلكترونية حالة من الذعر الشعبي، حيث تسارعت عمليات سحب الودائع من البنوك، وعلى الرغم من نجاة بنك ملي، أكبر بنك تجاري، من الاختراق، إلا أنه عجز عن تلبية الطلب المتزايد على النقد.
بدوره، أطلق البنك المركزي الإيراني حملة طباعة أموال سريعة، لكن الثقة انهارت بالفعل، مما أدى إلى انهيار بورصة طهران والريال الإيراني الذي فقد أكثر من 12% من قيمته في اليوم الأول بعد الهجوم.
العملات المشفّرة ليست بمأمن
رغم أن إيران حاولت التحوّط ضد الهجمات بإنشاء بنية مالية موازية تعتمد على العملات المستقرة، عبر بورصة “نوبيتكس” التي تُدير أكثر من 90% من التعاملات المشفّرة في البلاد، إلا أن مجموعة “العصفور المفترس” استطاعت الوصول إليها أيضاً.
وفي 18 يونيو، أعلنت المجموعة أنها استولت على 90 مليون دولار من محافظ رقمية تابعة للحرس الثوري، ثم قامت بتدمير الأصول بالكامل بتحويلها إلى عناوين لا يمكن استرجاعها.
شلل النظام وفضيحة داخلية
استهدفت الهجمات أموالاً تُستخدم في العمليات اليومية للحرس الثوري، وكشفت عن عجز كامل من النظام الإيراني، الذي حاول في البداية التعتيم مدّعياً أن الأعطال “مؤقتة”، ورغم محاولات الحد من الوصول إلى الإنترنت، وتقييد استخدام المسؤولين للأجهزة المتصلة، فرضت قيود على العملات المشفرة، لم تفلح أي من هذه الإجراءات في صدّ الهجوم أو تأمين الشبكات.
لم تتوقف الضربات عند حدود البنية المالية، بل زعزعت شرعية النظام نفسه، خصوصاً بعدما حُرم مسؤولون وأفراد أمن من الوصول إلى أموالهم الخاصة، مما فتح باب التساؤلات حول مستقبل الثقة الداخلية، ومستقبل أموال النخب الحاكمة: هل ستُهرّب إلى الخارج؟
وقد مثّل الهجوم تحوّلاً في أدوات الضغط على طهران، ووفق صحيفة وول ستريت جورنال، فإن هذا النجاح الإلكتروني الإسرائيلي يُتيح لإدارة ترامب أدوات جديدة لمواجهة “التهديد النووي الإيراني”.
وفي ضوء قمة الناتو، حيث صرح ترامب بأن “الإيرانيين يجب أن ينعموا بالرخاء لكن لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي”، بات واضحاً أن السياسة الأمريكية السيبرانية لم تعد دفاعية فقط، بل تتجه نحو شراكة هجومية فاعلة مع إسرائيل.