مصر تسعى لتحويل قطاع التعدين إلى قاطرة للنمو الاقتصادي والتكنولوجي

في ظل الثروات المعدنية الهائلة التي تمتلكها مصر والتي لم تُستغل بشكل مثالي، أكد الدكتور رمزي الجرم، الخبير الاقتصادي، أن صانعي السياسة الاقتصادية في البلاد يسيرون بخطوات حثيثة لتطوير القطاع التعديني وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، عبر استراتيجية شاملة تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز إقليمي وعالمي في مجال التعدين، وذلك انطلاقًا من “رؤية مصر 2030” وبناء “الجمهورية الجديدة” في جميع القطاعات.

مصر تسعى لتحويل قطاع التعدين إلى قاطرة للنمو الاقتصادي والتكنولوجي
مصر تسعى لتحويل قطاع التعدين إلى قاطرة للنمو الاقتصادي والتكنولوجي

وأشار الجرم إلى أن هذا التوجه يظهر بوضوح في تطوير البيئة التشريعية التي تنظم صناعة التعدين، بهدف جذب الاستثمارات المباشرة في هذا القطاع الحيوي، وتحقيق أقصى استفادة من الثروات الطبيعية وزيادة القيمة المضافة منها بدلاً من تصديرها في صورتها الخام.

وأوضح أن من أبرز هذه الثروات الرمال السوداء المنتشرة على السواحل من رشيد إلى العريش، والتي تمتد على طول حوالي 400 كيلومتر، وتُقدر احتياطياتها بأكثر من 1.3 مليار متر مكعب، وقد بدأت الدولة بالفعل خطوات فعلية لاستغلال هذه الثروة، حيث تم افتتاح أول مجمع للرمال السوداء في نهاية عام 2022.

الرمال البيضاء.. كنز استراتيجي

وأضاف الجرم أن الدولة لم تتوقف عند هذا الحد، بل بدأت في اتخاذ خطوات جادة لاستغلال الرمال البيضاء، التي تُعتبر المادة الخام الأساسية لإنتاج عنصر السيليكون المستخدم في صناعة الخلايا الشمسية والرقائق الإلكترونية، موضحًا أن الرمال البيضاء المصرية تُعد من الأعلى جودة عالميًا، حيث تصل درجة نقاء السيليكا فيها إلى حوالي 99%، بينما تقل نسبة أكسيد الحديد إلى ما دون 0.01%، وهذه الجودة تتفوق حتى على نظيرتها في “وادي السيليكون” بالولايات المتحدة الأمريكية، والتي لا تتجاوز نسبة نقائها 57%.

الرمال البيضاء المصرية أنقى من نظيرتها في وادي السيليكون الأمريكي

وفي تصريح خاص لنيوز رووم، أوضح أن هذه الخطوات تأتي في إطار توجه الدولة نحو تعظيم الاستفادة من مواردها الطبيعية بدلاً من تصديرها خام، مشيرًا إلى وقف تصدير الرمال منذ عام 2016، بالتوازي مع إطلاق مبادرة “مصر تصنع الإلكترونيات”، وافتتاح مصنع إنتاج ألواح الطاقة الشمسية بشركة بنها للصناعات الإلكترونية بطاقة إنتاجية تُقدر بنحو 50 ميجا وات سنويًا.

كما أشار إلى إعلان وزارة التعليم العالي عن خطوات إنشاء “الغرفة النظيفة” بمعهد بحوث الإلكترونيات، والتي تُعتبر نواة لتصنيع الرقائق وأشباه الموصلات على مساحة 3000 متر مربع، بالتعاون مع تحالف مصري عالمي، ما يُعتبر تحركًا استراتيجيًا نحو دخول مصر بقوة في صناعة التكنولوجيا الدقيقة.

طفرة في الذهب.. واستثمارات أجنبية واعدة

وتطرق الجرم إلى جهود تطوير قطاع الذهب، موضحًا أن مصر أجرت تعديلات تشريعية جوهرية بعد عام 2019، سمحت بطرح عدد من المزايدات للتنقيب عن الذهب، واستقطاب استثمارات أجنبية مباشرة تجاوزت 380 مليون دولار خلال عامين، مع توقعات ببلوغ مليار دولار بحلول عام 2030.

وأوضح أن هذا التوسع أسفر عن اكتشافات جديدة، أبرزها في منطقة إيقات، مما ساهم في رفع الاحتياطي الاستراتيجي من الذهب إلى نحو 125.5 طنًا، في ظل تحول الذهب إلى أصل استراتيجي عالمي بسبب اضطرابات الأسواق والنظام المالي الدولي.

مساهمة متوقعة بـ6% في الناتج المحلي

وشدد الجرم على أن تطوير قطاع التعدين يُعتبر أحد الروافد غير التقليدية للنقد الأجنبي، ويساهم في تعويض جزء من تراجع إيرادات قناة السويس المتأثرة بالتوترات الجيوسياسية في المنطقة، وأكد أن الدولة تستهدف رفع مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي من نحو 1% حاليًا إلى 6% خلال السنوات القليلة المقبلة، من خلال تعزيز التصنيع، وجذب الاستثمارات، وخلق فرص عمل، وتنويع مصادر الدخل القومي.