في خضم كارثة إنسانية غير مسبوقة، يعيش سكان قطاع غزة انهيارًا شاملًا في مقومات الحياة، حيث يتصاعد الجوع، وينعدم الماء، ويغيب الدواء، بينما تستمر الحرب والحصار منذ شهور.

اقرأ كمان: جيش الاحتلال يزعم قتل عنصر من “الرضوان” في غارة جوية
أكدت عشرات المنظمات الإنسانية الدولية أن الحصار الإسرائيلي المفروض على دخول المساعدات يعرض حياة المدنيين، والأطباء، وعمال الإغاثة لخطر مباشر.
مع تفاقم الأزمة، أعلنت وكالة أنباء دولية كبرى أنها تسعى لإجلاء مراسليها المتبقين من القطاع، مشددة على أن “الوضع أصبح لا يُطاق” بسبب المجاعة وانهيار البنية التحتية بشكل كامل.
اقرأ كمان: عراقجي ينتقد الترويكا الأوروبية ويصفها بخطوة منحازة قد تؤدي إلى أزمة نووية جديدة
الجوع في غزة.
روايات من غزة تحت لهيب الموت البطيء
تواصل موقع «نيوز رووم» مع السيدة الفلسطينية أمال الغليظ، وهي مواطنة غازية، وتحدثت عن معاناتهم مع أكبر حصار يواجهه القطاع منذ بداية الحرب، إذ يتعرض الآلاف لخطر الموت جوعًا، وعندما تحدثت معها علقت قائلة؛ “أعذريني أختي لا أستطيع الحديث، من أمس ما بقدر أحرك حالي .. قلة الكل هلكتنا”.
وتابعت، نحن واصلون لأسوأ وضع في المجاعة، ربنا يفرجها من عنده، مضيفةً، “اعذريني صوتي ضعيف من الجوع”.
حكاية السيد عبد الكريم شاهين.. ونزوحه للمرة الخامسة
أما السيد عبد الكريم شاهين، وهو مواطن من قطاع غزة، فقد حدثني عن الأزمة الإنسانية الحادة التي تعيشها غزة، حيث يواجه سكان القطاع مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي، كما يعاني الأطفال والأمهات وكبار السن بشكل خاص من سوء التغذية الحاد، مع تزايد أعداد المحتاجين إلى علاج فوري نتيجة حالة الانهيار والإغماء بسبب نقص التغذية في ظل شح المدعمات الطبية والمحاليل المغذية المقدمة في مستشفيات قطاع غزة.
وأضاف شاهين، تعاني الأسر في قطاع غزة من نقص في الماء والخبز والدقيق مما يضطرهم لاستخدام بدائل غير صالحة للاستهلاك الآدمي مثل الأعلاف الحيوانية وبعض النباتات، ومن جانب آخر يفاقم الحصار المفروض على قطاع غزة وإغلاق المعبر من الأزمة الإنسانية، حيث يمنع الاحتلال دخول المساعدات الضرورية ويعرقل وصول الإمدادات الغذائية والطبية والدوائية مما يزيد من حدة المجاعة داخل القطاع.
ورغم النداءات والاستغاثات الدولية والمحلية بإدخال المساعدات، فقد أكدت منظمات دولية عاملة في قطاع غزة على ارتفاع معدلات الوفاة وتأثيرها على النمو الإدراكي والفسيولوجي عند الأطفال وزيادة في أعداد الأجنة المشوهة، حيث لا نستطيع توفير أدنى المقومات الغذائية لأطفالنا إن وجدت لارتفاع أسعارها، فلا يمكن توفير أكثر من وجبة واحدة يوميًا خالية من كافة العناصر الغذائية التي قد تعينك على الصمود.
ومن جانب آخر، فإن النقص الشديد بالسولار أدى إلى تفاقم أزمة شديدة بالمياه المحلاة، لذلك نطالب العالم أجمع بالتدخل لإنقاذ شعبنا الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة والمحرقة والموت جوعًا.
الجوع في غزة.
ملامح الجوع على وجوههم
فالجوع الذي نحت تعاريجه الغليظة في وجوه الناس وجباههم وأكفهم الهزيلة وعيونهم الشاردة، جعل الناس تركع على عتبات الخوف والصمت والعجز والخنوع، الجوع الذي يكوي عظام وأفئدة البسطاء الذين لا حيلة لهم إلا بربهم فهو مولاهم وناصرهم.
وقال شاهين، “أنا أتكلم معك والله لليوم الرابع أو الخامس بناكل عدس، ومعي فلوس بس ما في شي تشتريه، كل شعبنا الفلسطيني يعاني من الظلم الذي لا يستطيع أحد أن يوقفه، لا ماء ولا دواء ولا أكل ولا أمن ولا أمان، كل العالم يضغط على هذا الاحتلال المارق على القانون ولن يستطيعوا أن يدخلوا حبة قمح واحدة على غزة، أين مجلس الأمن، أين جامعة الدول العربية، والإسلامية”.
وختم حديثه، يتعرض شعبنا لأكبر مأساة له، حيث إن التهجير والنزوح يعادل خروج الروح من الجسد، تخرج من بيتك تاركًا ورائك ذكرياتك وأحلامك ونجاحاتك، وتعود إليها بعد فترة من الزمن لتجد آمالك وذكرياتك ونجاحاتك عبارة عن كومة من الحجارة.
111 منظمة إنسانية تطالب بإنهاء الحصار عن غزة
في نداء إنساني عاجل، دعت 111 منظمة دولية، اليوم الأربعاء، حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة فورًا، واستعادة التدفق الكامل للغذاء والمياه النظيفة والإمدادات الطبية، إلى جانب الموافقة على وقف فوري لإطلاق النار.
وفي بيان مشترك، وقّعت عليه منظمات بارزة مثل “أطباء بلا حدود” و”العفو الدولية” و”المجلس النرويجي للاجئين”، حذرت الجهات الموقعة من أن الوضع الإنساني في غزة بلغ مرحلة الانهيار التام.
وقال البيان: “في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة الإسرائيلية استخدام الحصار لتجويع سكان غزة، أصبح عمال الإغاثة أنفسهم ضمن طوابير الجوع، يعرضون حياتهم للخطر لمجرد محاولة إطعام عائلاتهم”.