تُعد تحويلات المصريين بالخارج عاملاً رئيسيًا في استقرار سوق العملة الصعبة المحلية، خاصة بعد الأزمات التي مرت بها البلاد في السنوات الأخيرة، حيث شهدت تدفقات الأموال من المصريين العاملين بالخارج نموًا ملحوظًا خلال الـ11 شهرًا الماضية، رغم تأثير الأزمات على مصادر أخرى، كما تعكس هذه التحويلات ثقة المؤسسات الدولية في استقرار الاقتصاد المصري، مما يدل على إيمان المصريين المغتربين بسلامة أموالهم وعدم تعرضها لأي مخاطر مستقبلية.

مقال له علاقة: تثبيت البنك المركزي لأسعار الفائدة رغم تراجع التضخم وتوقعات الخفض
تعتبر تحويلات العاملين بالخارج شريان حياة مهم لكثير من دول العالم، حيث يتأثر أكثر من مليار شخص سنويًا بهذه التحويلات، سواء كانوا مرسلين أو متلقين، و75% من هذه التدفقات تساهم في تلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء، والصحة، والتعليم، والإسكان، بينما تُستخدم الـ25% المتبقية في الادخار، أو الاستثمار، أو إنشاء مشاريع تجارية.
وفي نفس السياق، أشار أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إلى أن تحويلات المصريين بالخارج شهدت زيادة تاريخية غير مسبوقة في الأشهر الأخيرة، بفضل ثقة المصريين في السوق المحلية، متوقعًا أن تصل هذه التحويلات خلال العام المالي الحالي 2025 إلى أكثر من 35 مليار دولار، مما يمثل قفزة تاريخية لم يسبق لها مثيل.
وأوضح غراب في تصريحات صحفية لموقع «نيوز رووم» أن الزيادة في تحويلات المصريين بالخارج تعود لعدة أسباب، أبرزها نجاح السياسة النقدية التي اتبعها البنك المركزي منذ قرار تحرير سعر الصرف في مارس 2024.
وأضاف أن نمو تحويلات العاملين بالخارج يشكل دعمًا قويًا للاقتصاد المصري، حيث تعد ثاني أهم مصدر للنقد الأجنبي، مما ساهم في زيادة حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي.
وأكد أن هذه الزيادة تُعزز من توافر العملة الصعبة في الجهاز المصرفي المصري، مما يسهم في تقوية الجنيه وتراجع الدولار، وتوفير المواد الخام للصناعة، مما يؤدي إلى انخفاض أسعار السلع في الأسواق وتحقيق استقرار مالي حقيقي.
وأشار غراب إلى أن السياسة النقدية الناجحة التي اتبعها البنك المركزي منذ تحرير سعر الصرف العام الماضي ساهمت في القضاء على السوق السوداء بشكل نهائي، حيث تم توحيد سعر العملة الأجنبية في الأسواق، مما أدى إلى استقرار سعر الصرف في البنوك، وبالتالي زيادة تحويلات المصريين بالخارج وثقتهم في الاقتصاد الوطني.
كما أشاد بمبادرة طرح أراضي وعقارات بالعملة الأجنبية للمصريين بالخارج، التي ساهمت في زيادة تحويلاتهم، موضحًا أن استمرار تقديم المحفزات لهم سيؤدي إلى تضاعف حصيلة التحويلات في المستقبل، خاصة مع استمرار تراجع سعر صرف الدولار في البنوك.
وأكد غراب أن تحويلات العاملين بالخارج تُعتبر ثاني أهم مصدر للنقد الأجنبي بعد الصادرات، متفوقةً على السياحة وقناة السويس، ولها دور كبير في زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي.
شوف كمان: استقرار نسبي في سوق الدواجن الخميس 3 يوليو 2025
وفي تقرير لموقع «نيوز رووم»، تم رصد تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال أول 11 شهرًا من العام المالي من يوليو إلى مايو 2024/2025، حيث ارتفعت بمعدل 69.6% لتصل إلى نحو 32.8 مليار دولار، مقارنةً بنحو 19.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق.
كما شهدت الفترة من يناير إلى مايو 2025 ارتفاعًا في التحويلات بمعدل 59% على أساس سنوي، لتصل إلى نحو 15.8 مليار دولار، مقارنةً بنحو 9.9 مليار دولار.
وعلى المستوى الشهري، ارتفعت تحويلات شهر مايو 2025 بمعدل 24.2% على أساس سنوي، لتصل إلى نحو 3.4 مليار دولار، مقارنةً بنحو 2.7 مليار دولار، وهي تدفقات تاريخية لم تحدث من قبل خلال شهر مايو في أي عام.
وأظهر الرصد أن تدفقات أموال المصريين بالخارج استمرت في الصعود خلال 10 أشهر من العام المالي 2024-2025، على الرغم من تراجع مصادر النقد الأجنبي الأخرى، مثل إيرادات قناة السويس نتيجة الحرب الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.
تطور حركة تحويلات المصريين العاملين بالخارج:
حققت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال عشرة أشهر (الفترة من يوليو إلى إبريل من السنة المالية 2024/2025) قفزة تاريخية غير مسبوقة، حيث ارتفعت بمعدل 77.1%، لتصل إلى نحو 29.4 مليار دولار، مقارنةً بنحو 16.6 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي السابق.
كما شهدت الفترة من يناير إلى إبريل 2024/2025 ارتفاعًا بمعدل 72.3% على أساس سنوي، لتصل تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى نحو 12.4 مليار دولار، مقارنةً بنحو 7.2 مليار دولار.
وعلى المستوى الشهري، ارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج في شهر إبريل 2025 بمعدل 39.0% على أساس سنوي، لتصل إلى نحو 3.0 مليار دولار، مقارنةً بنحو 2.2 مليار دولار.
وفقًا لتقارير البنك المركزي المصري، شهد الربع الأول من عام 2025 ارتفاعًا ملحوظًا في تحويلات المصريين العاملين بالخارج، حيث قفزت بنسبة 84.4%، لتصل إلى 8.33 مليار دولار أمريكي، مقارنةً بـ 4.52 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من عام 2024، مما يمثل زيادة كبيرة في حجم تدفقات النقد الأجنبي إلى البلاد، ويمكن إرجاع ذلك إلى الإصلاحات المتعلقة بتوحيد سعر الصرف التي بدأت في مارس 2024.