في ظل تصاعد التوترات بين إيران وواشنطن، يشير خبراء إلى أن الخيارات أمام الولايات المتحدة أصبحت محدودة، حيث تتمثل في ثلاثة مسارات رئيسية للتعامل مع ما تسميه طهران بـ”شروط العودة للمفاوضات”، أبرزها تنفيذ ضربات عسكرية مركّزة ضد المنشآت الإيرانية، وهذا السيناريو يبدو الأكثر احتمالاً في الوقت الراهن مع زيادة التحركات الأمريكية في المناطق البحرية والجوية المحيطة بإيران.

شوف كمان: قيود غير مسبوقة في البنتاجون مع سيطرة إدارة ترامب على الصحافة العسكرية
ويضيف الخبراء، في تصريحات صحفية، أن الخيارين الآخرين يتضمنان الاستمرار في سياسة “الضغوط القصوى” عبر توسيع العقوبات وزيادة شدتها، أو اعتماد مسار تفاوضي مباشر، إلا أن فرص هذا الخيار تتراجع تدريجياً بفعل مماطلة طهران ومطالبها التي تعيق أي تقدم.
وقد أوضح المفاوض الإيراني البارز، كاظم غريب آبادي، أن طهران لن تعود إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن إلا بشروط محددة، منها استعادة الثقة المتبادلة، ووقف استخدام المفاوضات كغطاء لتحركات عسكرية، بالإضافة إلى اعتراف أمريكي بحق إيران في التخصيب النووي ضمن إطار معاهدة حظر الانتشار النووي.
استراتيجية إيرانية لتعقيد المشهد
يرى الباحث في الشأن الإيراني، هاشم سليمان، أن طهران تستخدم ما تصفه بـ”شروط تفاوضية” كوسيلة لفتح قنوات اتصال غير مباشرة مع الولايات المتحدة، في محاولة لكسب الوقت وإرباك الخطط الأمريكية – الإسرائيلية الهادفة إلى توجيه ضربة قاصمة لبرنامجها النووي.
ويعتقد سليمان أن إيران تتبنى خطين متوازيين؛ الأول يتمثل في التشبث العلني بالتقنيات النووية، مما يعجل برغبة بعض أطراف الإدارة الأمريكية في استخدام الخيار العسكري، بينما يتمثل الخط الثاني في وقف أنشطة تخصيب اليورانيوم مؤقتًا بعد المواجهة العسكرية الأخيرة، بهدف تقديم صورة تفيد بأن طهران منفتحة على التهدئة، دون التنازل عن قدراتها النووية التي تعتبرها ورقة ضغط استراتيجية لأي مفاوضات مستقبلية.
الدور الأوروبي وتراجع النفوذ
وفي ظل غياب الثقة بين واشنطن وطهران، يُرجّح سليمان أن تسعى الدول الأوروبية، وخاصة “الترويكا” (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا)، للعب دور الوسيط لفتح نافذة دبلوماسية أخيرة، رغم عدم اهتمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهذه الجهود، حيث إن نجاحها قد يجعله في موقف من فرط في اتفاق لوزان النووي خلال ولايته الأولى.
وتدرك طهران أهمية الحضور الأوروبي في أي مفاوضات مستقبلية، ليس فقط لإضفاء الشرعية، بل أيضًا لمنحها الوقت اللازم لإعادة تطوير برنامجها النووي المتضرر وتحقيق نسب تخصيب أعلى، مما يمكنها من الدخول في مفاوضات أقوى، إذا ما عادت، لكن في المقابل، تتابع إسرائيل هذه التطورات عن كثب، وتُعد العدة لشن ضربة أولى، تفتح الطريق أمام تدخل أمريكي مباشر لاحقًا.
مقال له علاقة: ترامب يستكشف خيارات جديدة لتسليح الجيش الأوكراني
خيار المواجهة.. الاحتمال الأقرب
أكد الخبير في العلاقات الدولية، عاطف زهران، أن إدارة ترامب، وربما من سيواصل نهجها، تتعامل مع الوضع الإيراني وفق ثلاثة مسارات محسوبة على النحو التالي.
- ضربة عسكرية حاسمة
- الاستمرار في سياسة العقوبات
- اللجوء إلى التفاوض بشروط أمريكية صارمة
ويضيف زهران أن الأجواء الحالية، سواء من خلال التصريحات أو التحركات العسكرية، تعكس ميلًا متزايدًا داخل دوائر صنع القرار الأمريكي نحو الخيار العسكري، خاصة بعد تجربة “حرب الـ12 يومًا”، التي اعتُبرت تمرينًا أوليًا، بمشاركة إسرائيل، استعدادًا لضربة أكثر شمولًا قد تُنفّذ قريبًا.
ويشير إلى أن إدارة ترامب لا تنوي منح إيران مزيدًا من الوقت للمراوغة، وتسعى لحسم ملف البرنامج النووي، سواء عبر اتفاق يُلبي شروطها، أو عبر تدميره بالقوة.
ويشدد على أن واشنطن ترفض مبدأ “الشروط الإيرانية”، لكنها قد تنظر في “مطالب” يمكن مناقشتها، بشرط ألا تمس خطوطها الحمراء، وعلى رأسها وقف التخصيب وتفكيك برنامج الصواريخ.