لم تعد شركات الصناعات الدفاعية الغربية تقتصر على تزويد أوكرانيا بالأسلحة، بل بدأت تتخذ من أراضيها قاعدة مباشرة للوجود والتصنيع، مما يعكس عمق التحالف العسكري المتنامي بين كييف وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

مقال له علاقة: إسرائيل تتألم على ضحاياها بعد تجاهل نداءات حماية المدنيين في غزة
التعاون “مكسب مزدوج”
ووفقًا لتقرير نشره موقع “بيزنس إنسايدر”، فقد شرعت كبرى شركات الدفاع الغربية في فتح مكاتب داخل أوكرانيا، وتأسيس خطوط إنتاج، والعمل بشكل مباشر مع الشركاء المحليين، هذه الشراكة أسهمت في تسريع وتيرة تسليح الجيش الأوكراني، وتقديم حلول قتالية مخصصة، بينما استفاد الغرب من تجربة ميدانية فريدة في ساحة قتال حديثة ومتطورة.
وقد وصف مسؤولون في قطاع الدفاع الأوكراني هذا التعاون بأنه “مكسب مزدوج”، حيث تحصل أوكرانيا على دعم تقني ولوجستي يعزز قدرتها الدفاعية، بينما تستفيد الشركات الغربية من اختبارات حية لتقنياتها في ظروف قتالية فعلية.
في هذا السياق، قال إيهور فيديركو، رئيس مجلس الصناعة الدفاعية الأوكراني، إن الوجود الغربي على الأرض يتيح فهماً مباشراً لطبيعة الصراع، مؤكدًا أن الحرب المتواصلة تُسرّع التحولات التكنولوجية، لا سيما في مجالات مثل الطائرات المسيّرة التي غيّرت قواعد المعركة.
تصاعد الحضور الغربي داخل أوكرانيا
وأشار التقرير إلى تصاعد الحضور الغربي داخل أوكرانيا، حيث عززت شركات مثل “كوانتم سيستمز” الألمانية المتخصصة في المسيّرات طاقتها الإنتاجية، فيما افتتحت مجموعة KND-S الفرنسية الألمانية فرعًا جديدًا لها في البلاد، كما دشّنت شركة BAE Systems البريطانية مقرًا لها داخل أوكرانيا، في حين وقّعت شركة Nammo النرويجية اتفاقية شراكة مع طرف محلي، أما Rheinmetall الألمانية فتخطط لإنشاء مصانع لإنتاج الذخائر والمركبات القتالية “لينكس”.
حتى الشركات التي لم تبدأ بعد بإنتاج فعلي داخل أوكرانيا، مثل شركة “ميلرم روبوتيكس” الإستونية، تستفيد من ميادين القتال لتجريب وتطوير معداتها بالتعاون مع الجيش الأوكراني، بما يتوافق مع متطلبات المعارك الحقيقية، وأكد المدير التنفيذي للشركة، كولدار فيرسي، أن هذا التعاون يوفر فرصة لأوروبا لفهم ما يُجدي فعليًا في أرض المعركة، وما يجب تطويره.
ولتسهيل هذا التكامل، أطلقت الحكومة الأوكرانية مبادرة “الشجاع1” (Brave1)، لتكون بمثابة منصة مفتوحة تسمح للشركات الأجنبية باختبار تقنياتها مباشرة في ساحة القتال.
التجربة الأوكرانية تمثل مصدرًا غنيًا بالدروس المستفادة
من جانبه، قال وزير الدفاع الدنماركي، ترولز لوند بولسن، إن التجربة الأوكرانية تمثل مصدرًا غنيًا بالدروس المستفادة، مشيرًا إلى أن النموذج الدنماركي الذي يسمح بشراء الأسلحة مباشرة من الشركات الأوكرانية لصالح كييف، ساهم في تسريع التسليم وخفض التكاليف وتخفيف العبء عن الصناعات الدفاعية الأوروبية.
وأكد بولسن أن ما يميز القطاع الدفاعي الأوكراني هو سرعة الانتقال من البحث والتطوير إلى مرحلة الإنتاج، مع مرونة كبيرة في تعديل الأنظمة وتحسينها بناء على الأداء في الميدان.
وفي المقابل، أبدت قيادات في الناتو مخاوف من الإفراط في الاعتماد على الأنظمة المعقدة والباهظة، على حساب إنتاج أسلحة بسيطة وفعالة بأعداد كبيرة، وتُعتبر التجربة الأوكرانية نموذجًا مهمًا لتحقيق التوازن بين القوة النارية الرخيصة والدقة العالية.
مقال مقترح: منصة “أكس” تواجه عطلًا فنيًا مفاجئًا وعودة سريعة.. ما التفاصيل؟
ويتجلى ذلك في أزمة الذخائر، حيث أشار الأمين العام لحلف الناتو إلى أن روسيا تنتج من الذخائر خلال ثلاثة أشهر ما يعادل إنتاج الحلف في عام كامل، ما يمنحها أفضلية ميدانية قد تكون حاسمة في الحرب المستمرة.