صحفي إسرائيلي يتواصل مع السنوار قبل اغتياله ويتقن العبرية ويعرف تاريخنا

تحدث الصحفي والمحلل السياسي الإسرائيلي في الشؤون العربية إيهود يعاري عن تفاصيل تواصل غير مباشر بينه وبين يحيى السنوار، قائد حركة حماس السابق في قطاع غزة قبل مقتله، حيث تم ذلك عبر وسيط من داخل الحركة.

صحفي إسرائيلي يتواصل مع السنوار قبل اغتياله ويتقن العبرية ويعرف تاريخنا
صحفي إسرائيلي يتواصل مع السنوار قبل اغتياله ويتقن العبرية ويعرف تاريخنا

وأوضح يعاري في مقابلة مع بودكاست أن هذه المراسلات لم تكن منتظمة أو متواصلة بشكل يومي، بل جاءت في فترات متباعدة، وكانت، كما قال، بمبادرة من السنوار نفسه.

وأشار يعاري إلى أنه وصف السنوار بأنه كان يعتقد أنه “أشبه بحاخام”، ملم بالشأن الإسرائيلي، ويتقن العبرية ويقرأ بشكل مكثف في تاريخ الحركة الصهيونية، من هرتزل إلى بن جوريون، مضيفًا: “كان يحاول فهم إسرائيل من الداخل”، ويقول يعاري: “وكان مقتنعًا بأنه قادر على تحديد مواضع ضعفها”

رسالة السنوار

وعلى الرغم من أن الرسائل لم تحمل جديدًا استخباراتيًا بحسب يعاري، إلا أن ما أراده السنوار هو إيصال موقف ورسالة مفادها: “نحن في وضع ميؤوس منه، ولا نملك شيئًا لنخسره، ولهذا قررنا أن نفعل ما فعلناه”، في إشارة ضمنية إلى تصعيد العمليات ضد إسرائيل

وقد استطاع السنوار، الذي تتهمه إسرائيل بأنه العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر 2023، الإفلات لفترة طويلة من الملاحقة رغم التكنولوجيا المتطورة التي تملكها تل أبيب، حيث عاش تحت الأرض وتحرك عبر شبكة أنفاق حصينة، مستخدمًا وسائل اتصال بدائية لا يمكن تتبعها، وثق فقط بدائرة صغيرة جدًا من المقربين.

ورغم تلقيه عروضًا متعددة من وسطاء عرب لتأمين خروجه من غزة مقابل الإفراج عن رهائن، رفض بشدة، وأصر السنوار: “لست محاصرًا، أنا على أرضي”، لكن النهاية كانت محسومة في أكتوبر الماضي، حين تمكنت إسرائيل، بعد أشهر من الملاحقة، من اغتياله، فيما وُصف بأنه أحد أكبر “الإنجازات الاستخباراتية” منذ سنوات

وثائق تكشف كيف خدع السنوار إسرائيل

في وقت سابق، أظهرت وثائق إسرائيلية أُفرج عنها مؤخرًا كيف خدع السنوار المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بعد عملية “حارس الأسوار” في عام 2021، فبينما كانت تل أبيب تحتفل بما ظنته “تدميرًا هائلًا” لأنفاق “حماس”، كانت الحركة في الواقع تُعد العدة لهجوم غير مسبوق.

ووفق تقرير نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست”، فإن قيادة حماس اعتبرت نتائج تلك العملية انتصارًا رغم التدمير الظاهري، واستغلت الهدنة التي أعقبتها لإعادة بناء قدراتها، فيما كانت إسرائيل تعيش تحت وهم انتصار وهمي.

ويُظهر التقرير مراسلات سرية بين السنوار وقادة حماس، من بينها رسالة بعث بها إلى إسماعيل هنية، قال فيها:
“خطوتنا القادمة قد لا تُقبل دوليًا، لكنها ستدفع الاحتلال نحو العزلة والاضطراب الداخلي، وربما نحو الاحتراب الأهلي”

في المقابل، كانت القيادة الإسرائيلية آنذاك، نتنياهو، جانتس، وكوخافي، تعلن أن العملية العسكرية أنهت قدرات “حماس” تحت الأرض، لكن الوثائق تظهر أن هذه الثقة الزائدة شكلت ثغرة أمنية كبرى، استغلتها الحركة في تعزيز بنيتها التحتية وتنفيذ “طوفان الأقصى”.

كما بعث السنوار أيضًا برسائل طمأنة لحلفاء حماس الإقليميين، مثل حسن نصر الله في لبنان، وقائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني، مؤكدًا أن شبكة أنفاق غزة لم تتأثر كثيرًا، وأن إصلاح ما تضرر منها تم بسرعة.

وتكشف هذه الروايات المتقاطعة، من شهادات صحفيين إلى وثائق استخباراتية، كيف أدار السنوار صراع العقول مع إسرائيل، ليس فقط من خلف المتاريس، بل أيضًا من عمق الأرض ومن خلف الكلمات.