في ذكراه.. حسن عابدين “أبو العلا البشري” رمز الضمير الحي في الدراما

استطاع الفنان الكبير حسن عابدين بكل ما يحمله الفن من صدق ورسالة وقيمة أن يخلّد اسمه في وجدان الجمهور العربي، حيث يوافق اليوم ذكرى ميلاده وهو الذي يُعد واحدًا من أعمدة التمثيل في مصر، سواء على خشبة المسرح أو من خلال الشاشة الصغيرة والكبيرة.

في ذكراه.. حسن عابدين “أبو العلا البشري” رمز الضمير الحي في الدراما
في ذكراه.. حسن عابدين “أبو العلا البشري” رمز الضمير الحي في الدراما

نبذة عن حسن عابدين 

وُلد حسن عابدين في مثل هذا اليوم، وتميز خلال مسيرته الفنية بملامحه الهادئة وصوته الواثق والخفيض الذي كان يحمل في نبراته وقارًا شديدًا جعله مثالًا للمعلم الحكيم والأب الحنون والموظف الشريف، لم يكن نجمًا صاخبًا بالمعايير التقليدية لكنه كان نجمًا حقيقيًا في عيون المشاهدين بفضل صدقه الفني والتزامه الأخلاقي.

في الثمانينيات والتسعينيات، أصبح وجه حسن عابدين مألوفًا في بيوت المصريين، إذ قدّم أدوارًا تركت أثرًا بالغًا في قلوب الناس، ومنها أدواره في مسلسلات مثل: “أهلًا بالسكان” و”أنا وأنت وبابا في المشمش” و”أبنائي الأعزاء.. شكرًا”، لكن يبقى الدور الأيقوني الذي لا يُنسى هو شخصية “السيد أبو العلا البشري” التي كتبها ببراعة الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، وجسدها عابدين ببساطة مؤثرة جعلت الشخصية تجسيدًا للضمير الحي والتدين الوسطي والوعي المجتمعي

اللافت أن شخصية “أبو العلا” ارتبطت باسم حسن عابدين ارتباطًا وثيقًا حتى أن البعض كان يناديه باسمها نظرًا لمدى صدق الأداء وقوة تأثيره، وهي من المرات القليلة التي امتزج فيها الفنان بالشخصية إلى حد التماهي.

وخلال حياته، تعرّض حسن عابدين لموقف إنساني عميق ترك أثرًا بالغًا في نفسه، ففي أثناء أدائه لمناسك العمرة طُلب منه من قبل أحد أفراد الحرم الشريف مغادرة المكان بحجة أنه ممثل، وهو ما أثار في داخله صراعًا كبيرًا بين إيمانه العميق ومهنته التي يحبها، دفعه هذا الموقف إلى اعتزال الفن لفترة، إلا أنه سرعان ما عاد مُدركًا أن الفن الحقيقي لا يتنافى مع القيم بل يعززها، مؤكدًا أن رسالته الفنية ستبقى في إطار احترام القيم والدين والمجتمع.

ورغم رحيله المبكر عن عمر ناهز 58 عامًا بعد صراع مع مرض سرطان الدم، إلا أن إرث حسن عابدين الفني لا يزال حاضرًا بقوة، فقد ترك بصمته في عدد من الأعمال السينمائية المهمة منها: “فرصة العمر” و”أرض النفاق” و”ريا وسكينة” و”سنة أولى حب” و”على من نطلق الرصاص” و”الأنثى والذئب” وغيرها من الأفلام التي ناقشت قضايا اجتماعية وإنسانية بروح جادة ومحترمة

رحل حسن عابدين لكنه لم يغِب عن قلوب محبيه، ولا تزال أعماله تُعرض حتى اليوم، ويستعيدها الجمهور بشغف وكأن الزمن لم يمضِ، فالفن الصادق لا يموت، وأمثال حسن عابدين هم من يمنحون الفن قيمته الحقيقية ومعناه النبيل.