في خطوة غير مسبوقة على الساحة الحقوقية الإسرائيلية، أصدرت منظمتان بارزتان في مجال حقوق الإنسان، وهما “بتسيلم” و”أطباء من أجل حقوق الإنسان بإسرائيل”، تقريرين منفصلين يؤكدان أن تصرفات حكومة رئيس وزراء الكيان في قطاع غزة تصل إلى حد الإبادة الجماعية.

ممكن يعجبك: رد حماس على مقترح الهدنة خلال 24 ساعة وفقاً للرئيس الأمريكي ترامب
وحسب ما أفادت به صحيفة واشنطن بوست، تعتبر هذه المرة الأولى التي يُوجه فيها هذا الاتهام من جهات إسرائيلية، على الرغم من أن منظمات دولية لحقوق الإنسان وحكومات أجنبية قد وجهت اتهامات مشابهة سابقًا.
إسرائيل تتهم نتنياهو بجرائم الإبادة
وفقًا للتقريرين، قامت المنظمتان بإجراء تحليل شامل لسلوك إسرائيل في غزة على مدى 21 شهرًا، حيث شمل ذلك دراسة الخطاب الصادر عن كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، وانتهت النتائج إلى وجود نية متعمدة لاستهداف السكان المدنيين بشكل كامل، وليس فقط العناصر المسلحة، من خلال تدمير البنية التحتية المدنية والصحية في القطاع.
وفي هذا السياق، صرح جاي شاليف، المدير التنفيذي لمنظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان بإسرائيل”، قائلًا: “بناءً على تحليل قانوني دقيق للحقائق، نعلن بقلب مثقل أن ما يجري هو إبادة جماعية”
كما أضاف شاليف أن التدمير المنهجي لنظام الرعاية الصحية، ومنع الوصول إلى الغذاء، وعرقلة عمليات الإجلاء الطبي، واستخدام المساعدات الإنسانية كوسيلة لتحقيق أهداف عسكرية، جميعها تشير إلى نمط سلوكي واضح يعكس نية خلف هذه السياسات.
من جانبها، أوضحت منظمة “بتسيلم” في تقريرها المكون من 79 صفحة، أن التكتيكات العسكرية الإسرائيلية قد تجاوزت الحدود اللازمة لتفكيك حركة حماس، حيث استخدمت خطابًا علنيًا من مسؤولين إسرائيليين يدعو إلى تجويع سكان غزة وتدمير القطاع الذي يقطنه نحو مليوني فلسطيني، في انتهاك صارخ لأبسط المعايير الإنسانية.
تأتي هذه الاتهامات في ظل تصاعد الانتقادات الدولية لإسرائيل بسبب القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث كان من بين أبرز الأصوات المنتقدة مؤخرًا اتحاد اليهودية الإصلاحية في الولايات المتحدة، والذي يعد أكبر هيئة تمثل اليهودية الإصلاحية، ودعا حكومة الاحتلال الإسرائيلية إلى السماح بإدخال الغذاء دون قيود، في ظل الأزمة المتفاقمة.
كما شددت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) على أن الطريقة الوحيدة لوقف المجاعة في قطاع غزة هي إدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وواسع النطاق.
وأكدت أن أي تأخير أو منع لإدخال الإغاثات سيؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية، التي تهدد حياة الملايين، خصوصًا الأطفال والنساء وكبار السن، في ظل تدمير واسع للبنية التحتية الصحية والغذائية في القطاع.
ممكن يعجبك: مسلحون يهربون من شركة أمريكية أثناء توزيع المساعدات في رفح
وفي ذات السياق، وصف مقرر الأمم المتحدة المعني بالتنمية الوضع في قطاع غزة بأنه كارثي بكل المقاييس، مشيرًا إلى أن “إسرائيل لا تبدي أي احترام للقانون الدولي”، وأن ما قامت به خلال 21 شهرًا لا يمكن تبريره تحت أي ظرف، مؤكدًا أن الوضع يمثل انهيارًا كاملًا للمعايير الإنسانية الدولية، خاصة في ظل الحصار المفروض ومنع دخول المساعدات، مما خلق وضعًا مروعًا يؤثر بشكل مباشر على المدنيين ويمتد أثره إلى النظام البيئي بفعل التدمير الممنهج لمصادر الحياة.
وفي تقييمه للوضع، أشار المقرر الأممي إلى وجود إجماع دولي متزايد على أن سلوك إسرائيل في غزة قد يرقى إلى جريمة إبادة جماعية، مستندًا إلى أدلة دامغة على تفشي المجاعة بسبب الحصار المتعمد، ومؤكدًا أن منع المساعدات الغذائية والطبية يدخل في نطاق العقوبات الجماعية، وهي ممارسة محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي.
وحذر من أن استمرار الإفلات من العقاب يشجع على تكرار هذه الانتهاكات، منتقدًا ما وصفه بـ”الحصانة الدولية” التي تتمتع بها إسرائيل، والتي تعيق تنفيذ العدالة الدولية، معتبرًا أن ذلك يضع المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي وقانوني خطير، في مواجهة واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية تعقيدًا في التاريخ الحديث.