أزمة انقطاع الكهرباء والمياه بالمحافظات: التصريحات والواقع الكامل للقصة

في الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة والمصادر الرسمية أن البنية التحتية للقطاع شهدت تطويرًا شاملًا في السنوات الأخيرة، تعيش محافظات مصر من العاصمة وحتى الأقاليم والقرى حالة غير مسبوقة من انقطاعات التيار الكهربائي، حيث وصلت هذه الانقطاعات إلى مناطق لم تكن معتادة على ذلك مثل بعض الكمبوندات، بالتزامن مع انفجار محول جزيرة الذهب وتعطل محول البدرشين، مما تسبب في انقطاع استمر لنحو أربعة أيام عن عدة مناطق في الجيزة.

أزمة انقطاع الكهرباء والمياه بالمحافظات: التصريحات والواقع الكامل للقصة
أزمة انقطاع الكهرباء والمياه بالمحافظات: التصريحات والواقع الكامل للقصة

خطط طموحة وواقع هش

خلال الأسابيع الماضية، أعلنت وزارة الكهرباء عن تعاون مع شركات دولية في مشروعات الضخ والتخزين وتطوير الشبكات وخفض الفقد الفني، فضلًا عن استخدام تكنولوجيا متقدمة للحد من ظاهرة سرقة التيار الكهربائي، بالإضافة إلى توطين صناعة المهمات الكهربائية.

وصرح وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المهندس محمود عصمت بأن مصر تعمل على توطين الصناعة الكهربائية ودعم نقل التكنولوجيا في إطار استراتيجية وطنية محدثة تهدف إلى رفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42 في المئة من إجمالي الطاقة المولدة بحلول 2030، ثم 65 في المئة بحلول 2040، لبناء مزيج طاقة نظيف وأكثر استدامة.

فني الشبكة قديمة والمولدات بلا صيانة

وعلى أرض الواقع، تبدو الصورة مغايرة، حيث قال مصدر فني في أحد شركات الكهرباء، رفض ذكر اسمه، لخبر صحإن الشبكات في أغلبها قديمة، وما يحدث فيها مجرد إصلاحات سطحية لمشاكل كبيرة في المحطات والمولدات، لكن لا توجد صيانة حقيقية، ومع أول أزمة مثل موجة الحر الأخيرة، تظهر كل الأعطال دفعة واحدة.

وأضاف أن الأحمال وصلت إلى 38 ألف ميجاوات في ذروة الصيف، مما تسبب في زيادة الفقد الفني بشكل حاد، مؤكدًا أن الأرياف والأقاليم تعاني انقطاعات مستمرة دون خطط واضحة لمعالجة الأسباب الجذرية.

بين التصريحات والواقع بالشارع

من جهة أخرى، لا تزال الجهات الرسمية تؤكد أن البنية التحتية شهدت إعادة بناء تشريعي وفني، وأن القطاع يملك حاليًا قدرة على تصدير الكهرباء بعد تحقيق فائض في الإنتاج.

لكن هذه التصريحات لا تنعكس على الأرض، حيث يعاني المواطنون من الانقطاعات يوميًا بلا إنذار ولفترات تصل إلى ست ساعات متواصلة، سواء في الجيزة أو الدقهلية أو المنيا أو الأقصر، في مشهد يطرح علامات استفهام حول كفاءة توزيع الأحمال والقدرة الفعلية على مواجهة الطلب المتزايد.

هل تكون الطاقة الشمسية والنووية جزءًا من الحل

في ظل عجز الشبكة التقليدية، تتجه الأنظار إلى الطاقة المتجددة، خصوصًا الطاقة الشمسية، باعتبارها بديلًا مستدامًا يمكنه تخفيف الضغط عن الشبكة القومية، حيث أصبح تركيب وحدات الطاقة الشمسية على أسطح المباني خيارًا مجديًا، خصوصًا في المناطق الريفية والنائية.

كما تبرز الطاقة النووية، ممثلة في مشروع محطة الضبعة النووية، كأحد أعمدة الاستقرار المرتقبة للمنظومة، إذ توفر مصدرًا لا يتأثر بالطلب الموسمي أو الأزمات المناخية.

لكن تبقى هذه البدائل بعيدة الأثر على المدى القصير، مما يعني أن المخرج الوحيد حاليًا هو إصلاح الشبكة الحالية بجدية وتحسين الصيانة والتوزيع وضمان عدالة الأحمال بين المحافظات.

بين الخطط والواقع

في الوقت الذي تسعى فيه الدولة لتحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة، يظل التحدي الأكبر في جعل الإنجازات المعلنة تنعكس على حياة الناس اليومية، فهل تنجح الدولة في سد الفجوة بين التصريحات الرسمية ومعاناة المواطنين، أم تبقى الوعود حبيسة المؤتمرات، بينما تتهاوى شبكة الكهرباء مع كل موجة حر أو زيادة أحمال.