لم تكمل الطفلة الرضيعة وتين الندى عامها الأول، حيث أبصرت النور في خضم الحرب، بعد أن فقدت والدها نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منزلهم، والآن تعاني وتين من الجوع في حضن أم أنهكها العجز عن توفير ما يسد رمق صغيرتها وأشقائها الخمسة، في ظل حصار خانق وسياسة تجويع ممنهجة تطحن سكان قطاع غزة بلا رحمة.

اقرأ كمان: أدرعي: طهران تتعرض للقصف وردنا على اعتداءات إيران مستمر
الطفلة الرضيعة وتين الندى.
وتعاني وتين من سوء تغذية حاد، رغم أنها لا تعاني من أي أمراض مزمنة، لكن جسدها الغض بدأ يذبل وينهار، وقد حذر الأطباء من أن حالتها مرشحة للتحول إلى هيكل عظمي إذا لم يتوفر لها الحليب العلاجي والغذاء والرعاية الصحية اللازمة بشكل عاجل.
الطفلة الرضيعة وتين الندى.
منظمات المجتمع المدني: كارثة إنسانية غير مسبوقة
عبرت منظمات المجتمع المدني في قطاع غزة عن بالغ قلقها واستنكارها لما وصفته بـ”الخداع الإعلامي المنظم” الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي، من خلال ترويجها لرواية السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بينما تشير الوقائع الميدانية إلى تصاعد غير مسبوق في وتيرة المجاعة وتدهور الأوضاع الإنسانية منذ بدء العدوان.
وأكدت المنظمات، في بيان شديد اللهجة، أن الاحتلال يمنع بشكل ممنهج وصول شاحنات الإغاثة إلى المستودعات التابعة للجهات الدولية المعتمدة، ويجبر القوافل القليلة المسموح لها بالمرور على التوقف في مناطق تُصنف عسكريًا بأنها “حمراء”، حيث يتعرض المدنيون المتجمهرون فيها للاستهداف المباشر من قبل القناصة والدبابات والأسلحة الرشاشة الآلية ذاتية التوجيه التي انتشرت مؤخرًا بكثافة.
وأوضحت أن هذه السياسة تهدف إلى إبقاء الوضع الإنساني رهينة لأساليب جديدة من الحصار، تُستخدم فيها أدوات التجويع كسلاح عقاب جماعي، في محاولة للالتفاف على الضغوط الدولية المتزايدة.
أرقام مفزعة ونداء عاجل
وثّقت المنظمات وفاة عشرات الأطفال حديثي الولادة خلال الأسابيع الأخيرة، نتيجة انعدام الحليب العلاجي والمكملات الغذائية الأساسية، محذرة من أن مئات الأطفال الآخرين يواجهون المصير ذاته خلال أيام قليلة، ما لم يتم التدخل الفوري والعاجل.
وأمام هذا الواقع المأساوي، طالبت المنظمات بتخصيص يوم كامل وآمن لإدخال المساعدات الطبية والغذائية الخاصة بالأطفال والرضع، دون تأخير أو عرقلة، عبر المعابر الرسمية وبإشراف دولي نزيه وفاعل.
وشددت على أن الحل الجذري يكمن في السماح بدخول ما لا يقل عن 600 شاحنة يوميًا محمّلة بالغذاء والدواء ومستلزمات النظافة والاحتياجات الأساسية، باعتباره الحد الأدنى الذي يمكن أن يخفف من تفشي المجاعة التي تطال أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة.
دعوة للمنظمات الدولية: كفى صمتًا
ودعت المنظمات الدولية ذات الصلة إلى الخروج عن صمتها وتحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، والامتناع عن منح الغطاء للسياسات الإسرائيلية التي تدير عملية تجويع ممنهجة بحق المدنيين، محذّرة من أن استمرار هذا الوضع سيقود إلى مجازر جماعية صامتة قد لا تُكشف فصولها إلا بعد فوات الأوان.
اقرأ كمان: من صورة غامضة إلى قضية رأي عام.. مأساة حميراء الصغيرة تثير ضجة في باكستان والعالم
وأكّدت أن الإنزالات الجوية للمساعدات لا تشكل حلاً فعليًا، ولا توفر استجابة كافية لواقع المجاعة الذي بلغ مستويات قياسية، مطالبة بفتح المعابر فورًا ودون قيد أو شرط، وإنهاء كل أشكال الحصار المفروض على سكان القطاع.
وفي ختام بيانها، حملت منظمات المجتمع المدني سلطات الاحتلال المسؤولية القانونية والإنسانية والأخلاقية الكاملة عن الكارثة الجارية، مجددة التأكيد على أن ما يحدث في غزة هو تجويع متعمد يستخدم كسلاح حرب ضد المدنيين العزّل، في خرق صارخ لكل القوانين الدولية.