في موقف يعكس عمق رؤيته النقدية وتحليله الثقافي للمجتمع، عبّر المخرج السينمائي عن استغرابه من حالة التفاعل الواسعة والساخطة التي صاحبت القرارات الأخيرة بالقبض على عدد من صُنّاع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، وتحديدًا “التيك توكرز” و”البلوجرز”، على خلفية اتهامهم بتقديم محتوى يتعارض مع القيم والأخلاق العامة.

من نفس التصنيف: كمال أبو رية يتحدث عن تجربته كمراقب امتحانات الثانوية العامة في فيلم برشامة مع هشام ماجد
وفي منشور مطول نشره عبر صفحته الرسمية، تناول نصر الله هذه الظاهرة من زاوية مختلفة، لا تركز فقط على الأفعال المثيرة للجدل لهؤلاء المؤثرين الرقميين، بل تسلط الضوء أيضًا على ردود الفعل المجتمعية الغاضبة والمتعطشة للإدانة والسخرية.
“الكل عارف إن ده مش فن”.. لكن ليه بنتفرج؟
أكد يسري نصر الله أن هناك نوعًا من الإجماع الضمني بين الجمهور على أن هذا النوع من المحتوى، سواء ما يُنشر على “تيك توك” أو في عالم “البلوجرز”، لا يُعتبر فنًا راقيًا، ولا يمثل أي نوع من القدوة أو القيمة الأخلاقية أو الثقافية، بل يتم التعامل معه كـ”ترفيه استهلاكي فارغ” في أحسن الأحوال.
مقال مقترح: ويجز ينفي إحيائه حفلات في دبي
وقال يسري نصر الله: “كلنا، بمن فينا اللي بيعملوا المحتوى ده، عارفين إنه مش فن، ولا أخلاق، ولا مثل أعلى”
“قلة الأدب والفساد الذوقي”… هل نستهلكه فقط لأن صانعه سهل الهجوم عليه؟
وفي تحليله للمفارقة بين رفض هذا النوع من المحتوى وبين الاستهلاك العالي له، طرح نصر الله سؤالًا وجوديًا لاذعًا، قال فيه: “ليه بنقبل على كم قلة الأدب والفساد الذوقي، بشرط إن اللي بيقدمه يكون شخص نقدر نهاجمه؟”
وأضاف: “إزاي بنبقى عارفين إن المحتوى ده رديء، لكن بنتابعه بنَهم، ونمارس سلطة أخلاقية عليه بمجرد ما نلاقي فرصة للهجوم؟”
بهذا الطرح، يحاول نصر الله أن يلفت الانتباه إلى الازدواجية الثقافية التي تتجلى في التفاعل مع هذا النوع من الظواهر: فبينما يرفضه كثيرون علنًا، إلا أنهم في الوقت ذاته يمنحونه الانتشار والمتابعة، ويتعاملون مع صُنّاعه باعتبارهم ضحايا أو كباش فداء لذوق عام مضطرب
دعوة للتفكير العميق بدلًا من الغضب السطحي
اختتم نصر الله منشوره بدعوة واضحة إلى التخلي عن ردود الأفعال المتسرعة والمشحونة بالعاطفة، داعيًا إلى التعمق في فهم أسباب رواج هذه الظواهر، وعلاقتها بواقع المجتمع، والاحتياجات النفسية والجمالية التي تدفع قطاعات كبيرة من الناس لاستهلاك هذا المحتوى.
وكتب بوضوح: “بدل ما نكتفي بالاستنكار، خلينا نسأل نفسنا ليه بنحب نتفرج عليهم؟ وليه بنفرح لما بيتقبض عليهم؟”
خلفية الجدل
تأتي تصريحات يسري نصر الله في ظل تصاعد الجدل على السوشيال ميديا، بعد إعلان السلطات عن القبض على عدد من المؤثرين وصُنّاع المحتوى عبر تطبيق “تيك توك”، بدعوى الإساءة للقيم المجتمعية والتورط في ممارسات غير أخلاقية أو غير قانونية، وقد تباينت ردود الفعل الشعبية بين التأييد الصريح لتلك الإجراءات باعتبارها محاولة لضبط الذوق العام، وبين من رأى أنها شكل من أشكال الرقابة المبالغ فيها على حرية التعبير والسلوك الشخصي.