في قلب هولندا، وتحت برد الشتاء القارس الذي يغطي مدنها بالثلوج، يشتعل على ملاعب كرة القدم صراع لا يشبه أي ديربي آخر، إنه “دي كلاسيكر”، المواجهة التاريخية التي تجمع بين قطبي الكرة الهولندية، أياكس أمستردام وفينورد روتردام، في مواجهة تفوق كونها مجرد مباراة كروية لتصبح معركة هوية، ثقافة، وصراع طبقي امتد لأكثر من قرن من الزمن.

مقال له علاقة: التشكيل المتوقع لمباراة مانشستر سيتي والوداد في كأس العالم للأندية
تاريخيًا، يمثل أياكس نادياً ذا طابع أرستقراطي يرمز إلى أمستردام العاصمة، بينما يمثل فينورد نادي الطبقة العاملة في ميناء روتردام، أكبر ميناء في أوروبا، هذا الاختلاف الجوهري في الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية للمشجعين جعل من مواجهات الفريقين أكثر من مجرد منافسة رياضية، بل صراع يعكس انقساماً ثقافياً واجتماعياً داخل المجتمع الهولندي.
صرخات الانتماء والشغف
تُقام المواجهات عادةً في مدرجات “دي كويب” و”يوهان كرويف أرينا”، حيث يختلط صوت الهتافات بالغضب والاندفاع، ويُجسد كل مشجع مشاعره من خلال صرخات الانتماء والشغف، هنا، لا مكان للحياد؛ فكل دقيقة في الكلاسيكو تُسجل كفصل من رواية حية تكتب بالدم والدموع.
لم تكن المنافسة مجرد محاولات للفوز بنقاط الدوري، بل شملت صراعات مريرة بين المشجعين، أحيانًا بلغت حد العنف الجماهيري، مثل الحادث المؤلم في 1997 حين قُتل مشجع لفينورد، مما أدى إلى اتخاذ إجراءات صارمة بمنع حضور الجمهور في بعض المواجهات.
الإنجازات
على صعيد الإنجازات، يتفوق أياكس تاريخيًا بعدد البطولات المحلية والأوروبية، حيث توج بـ36 لقب دوري، 20 كأس هولندي، وحقق 4 ألقاب دوري أبطال أوروبا، إلى جانب بطولات قارية وعالمية أخرى، في المقابل، فاز فينورد بـ16 لقب دوري و13 كأس محلي، كما حقق لقب دوري أبطال أوروبا مرة واحدة عام 1970، إضافة إلى بطولات أوروبية أخرى.
رغم العداء الشديد، شهد التاريخ انتقال عدد من اللاعبين والمدربين بين الفريقين، أبرزهم الأسطورة يوهان كرويف، ورونالد كومان، الذين ارتدوا قميصي الفريقين، مما يضفي بعداً إنسانياً على الصراع.
مقال مقترح: وصول فريق إنتر ميامي إلى ملعب هارد روك بحضور بيكهام
اللاعبين المصريين
أما على صعيد اللاعبين المصريين، فقد كان لميدو حضور في أياكس، بينما شهدت فينورد تواجد عدد من النجوم مثل هيثم فاروق وحسام غالي وشريف إكرامي، مما يعكس أهمية الدوري الهولندي كمحطة مهمة للاعبين العرب.
في النهاية، “دي كلاسيكر” ليس مجرد مباراة كرة قدم، بل مرآة تعكس الصراعات الاجتماعية والثقافية بين مدينتين عريقتين، تتنافسان على شرف الهيمنة الرياضية والرمزية داخل هولندا، ومع كل جيل جديد، يستمر هذا الكلاسيكو في كتابة فصول جديدة من الإثارة، الشغف، والتاريخ.