تتجه مصر بخطوات سريعة نحو تحقيق توازن في مزيج الطاقة، يجمع بين الاعتماد على الغاز الطبيعي كمصدر انتقالي، والتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة التي تمثل ركيزة أساسية لمستقبل مستدام، في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها العالم في مجال الطاقة.

مقال له علاقة: تأثير تهديد إغلاق مضيق هرمز على الاقتصاد العالمي حسب خبير
الغاز الطبيعي.. العمود الفقري للمرحلة الحالية
يعتبر الغاز الطبيعي حالياً حجر الزاوية في منظومة الطاقة المصرية، بفضل انخفاض انبعاثاته مقارنة بالفحم والنفط، وسهولة دمجه في البنية التحتية الحالية، ووفقاً للمهندس محمد حليوة، خبير الطاقة، لا يزال الغاز يلعب دوراً محورياً في إنتاج الكهرباء، وتشغيل المصانع، وتزويد بعض المركبات بالوقود.
ورغم هذه المزايا، يبقى الغاز الأحفوري مصدراً للانبعاثات، خاصة غاز الميثان، مما يثير تساؤلات حول استدامته على المدى الطويل، كما أن التوترات الجيوسياسية تؤثر بشكل مباشر على استقرار الإمدادات، وهو ما تجلى بوضوح في تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
الطاقة المتجددة.. مستقبل بلا انبعاثات
على الجانب الآخر، تسير مصر بخطى واثقة نحو تعزيز الاعتماد على الطاقة النظيفة، من خلال مشروعات رائدة مثل محطة “بنبان” للطاقة الشمسية ومزارع الرياح في “رأس غارب”، وتشير بيانات وكالة الطاقة المتجددة الدولية (IRENA) إلى أن تكلفة إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة أصبحت أقل من نظيراتها الأحفورية في العديد من الأسواق العالمية.
يقول د. أحمد راغب، أستاذ هندسة الطاقة، إن مصر تهدف إلى رفع مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% بحلول عام 2035، مؤكداً أن الدمج بين الغاز والطاقة النظيفة يمثل السيناريو الأمثل لضمان أمن الطاقة واستقرار الشبكات.
مواضيع مشابهة: الفضة تتراجع مع تراجع التوترات وتحول المستثمرين نحو السندات
واقع الطاقة في مصر.. مكاسب وتحديات
أصبحت مصر من كبار منتجي الغاز الطبيعي في المنطقة، حيث بلغ الإنتاج 64.1 مليار متر مكعب في عام 2022، رغم التراجع الطفيف عن عام 2021، ويظل حقل “ظهر” أبرز مشروعات الغاز، إلى جانب “نورس” و”جنوب غرب بلطيم”.
إلا أن صيف 2023 كشف عن هشاشة المعادلة، بعد أن تسببت موجات الحر في زيادة الأحمال الكهربائية، ونقص الغاز، مما أجبر الحكومة على استيراد الغاز المسال وتخفيض صادراتها مؤقتاً.
أبرز مشروعات الطاقة المتجددة
محطة بنبان للطاقة الشمسية بأسوان، بطاقة إنتاجية تبلغ 1.8 جيجاواط، ومزارع الرياح في رأس غارب، بقدرة تتجاوز 500 ميجاواط، والهيدروجين الأخضر، مع شراكات دولية تهدف لتوليد طاقة تصل إلى 10 جيجاواط في السنوات المقبلة.
التحديات الأبرز
يشير د. أحمد جمال الدين، أستاذ الاقتصاد، إلى أن الانتقال للطاقة النظيفة يواجه تحديات محلية وعالمية، منها غياب شبكات تخزين متطورة، وضعف البنية التحتية في بعض المناطق، ويرى أن نجاح مصر يتطلب:
تحفيز الاستثمار في الطاقة المتجددة، واعتماد نظام ضريبي يشجع الاستدامة ويحد من الكربون، وتطوير تقنيات التخزين والتوزيع الذكي.
مصر كلاعب طاقوي إقليمي
مع التوسع في مشروعات الغاز والهيدروجين الأخضر، وتعزيز قدرات الطاقة الشمسية والرياح، تقترب مصر من موقع الريادة الإقليمية في مجال الطاقة، ويؤكد حليوة أن الرهان ليس على مصدر واحد، بل على مزيج طاقوي ذكي يضمن تأمين الإمدادات، وتحقيق الاستدامة، ودعم الاقتصاد الوطني.