تحل اليوم الثلاثاء ذكرى رحيل الفنان القدير مصطفى متولي، الذي يُعتبر من أبرز وجوه السينما والمسرح والدراما المصرية، حيث استطاع أن يترك بصمة واضحة في ذاكرة الجمهور من خلال أدواره المتنوعة، وخاصة تلك التي اتسمت بالشر المعقد والملامح الحادة، الأمر الذي لم يمنع الجمهور من التعلق به بل زاد من حضوره وتأثيره.

ممكن يعجبك: أحمد السماحي يصف شيرين عبد الوهاب بصوت نادر وموهبة لا تُعوّض
من نفس التصنيف: كارمن بصيبص تتحدث عن تجربتها كأم بعد 6 أشهر من ولادة ابنتها أندريا
من هو مصطفى متولي؟
وُلد مصطفى متولي عام 1949 في مدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ، وبدأت موهبته الفنية في وقت مبكر من حياته، حيث شارك في المسرح المدرسي قبل أن يقرر صقل موهبته بالدراسة الأكاديمية، فالتحق بمعهد الفنون المسرحية بالقاهرة، ليبدأ بعدها رحلة فنية طويلة ومتميزة امتدت لعدة عقود.
بعد تخرجه، انطلق متولي في عالم المسرح، حيث شارك في عدد من المسرحيات، منها “يا سلام سلم.. الحيطة بتتكلم”، ثم بدأ خطواته الأولى في السينما من خلال أدوار بسيطة في أفلام مثل: “خلي بالك من زوزو”، و”دائرة الانتقام”، و”ضربة شمس”، كما شارك في عدد كبير من المسلسلات في بداياته، مثل “لا يا ابنتي العزيزة”، و”الشوارع الخلفية”، و”ابتسامة بين الدموع”، و”دماء على الثوب الوردي”، و”مارد الجبل”، وغيرها من الأعمال التي وضعت اسمه على خريطة النجوم الصاعدين.
شهدت فترة الثمانينيات انطلاقة حقيقية لمصطفى متولي، خاصة بعد تعاونه المتكرر مع الزعيم عادل إمام، الذي كان صهره أيضًا بعد أن تزوج مصطفى من شقيقة الزعيم، ورغم ما أُثير من انتقادات حول اقتصار أعماله على التعاون مع عادل إمام، إلا أن مصطفى متولي دافع عن ذلك في لقاء نادر على شاشة التليفزيون المصري، مؤكدًا أنه عمل مع العديد من الفنانين الآخرين، لكنه كان يتمنى دومًا العمل مع عادل إمام نظرًا للجماهيرية الكبيرة التي كان يحظى بها، والتي كانت تضمن له أن يُشاهد دوره على نطاق واسع ويحقق انتشارًا أكبر، مضيفًا أن هناك الكثير من النجوم الذين استفادوا من العمل مع الزعيم، ليس فقط فنيًا بل جماهيريًا أيضًا.
من أبرز الأعمال التي جمعت بين مصطفى متولي وعادل إمام مسرحية “الواد سيد الشغال”، وأفلام مثل “سلام يا صاحبي”، و”جزيرة الشيطان”، و”بخيت وعديلة”، و”شمس الزناتي”، و”الإرهاب والكباب”، وغيرها من الأعمال التي شكلت محطات هامة في تاريخهما الفني معًا.
لكن مصطفى متولي لم يكن مجرد تابع لنجومية الزعيم، فقد قدم العديد من الأعمال الناجحة بعيدًا عنه، أظهر فيها قدراته التمثيلية العالية وموهبته الفذة، ومن أبرزها: “لن أعيش في جلباب أبي”، “أوبرا عايدة”، “جمهورية زفتى”، “أم كلثوم”، “التوأم”، “بابا في المشمش”، “حلم الجنوبي”، “بكيزة وزغلول”، و”سامحوني مكنش قصدي”، وغيرها من الأعمال التي أثبتت قدرته على أداء أدوار الشر والطيبة والكوميديا على حد سواء.
ما ميز مصطفى متولي حقًا هو تمكنه من أداء الشخصيات الشريرة بطريقة جعلته محبوبًا لدى الجمهور، فقد كان يمنح تلك الشخصيات بعدًا إنسانيًا ونفسيًا عميقًا، ولم يكن يقدم الشر ككاريكاتير أو صورة نمطية، بل كحالة إنسانية تحمل تناقضات وتعقيدات داخلية، مما أضفى على أدائه مصداقية وتأثيرًا بالغًا.
رحل مصطفى متولي عن عالمنا في مثل هذا اليوم، لكن بقيت أعماله خالدة في ذاكرة الفن المصري، تشهد على موهبة نادرة وقدرة تمثيلية استثنائية، ومشوار فني لا يزال محل تقدير من جمهور واسع لا ينسى حضور ذلك الفنان الذي أجاد التنقل بين الرعب والضحك، وبين القسوة والدفء، في تناغم قلّ أن يتكرر.