الأرجنتين تستعد لاستقبال نتنياهو في تحدٍ لتوقيع نظام روما

تترقب الأوساط السياسية والأمنية في الأرجنتين زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى بوينس آيرس في سبتمبر المقبل، وسط جدل واسع حول تداعيات هذه الزيارة على السياسة الخارجية والأمن القومي للبلاد، خاصة في ظل التحالف غير المسبوق بين الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي وتل أبيب.

الأرجنتين تستعد لاستقبال نتنياهو في تحدٍ لتوقيع نظام روما
الأرجنتين تستعد لاستقبال نتنياهو في تحدٍ لتوقيع نظام روما

ويواجه ميلي، الذي اتخذ منذ توليه منصبه موقفًا داعمًا وبقوة لإسرائيل، انتقادات حادة على المستويين الداخلي والدولي، حيث يرى مراقبون أن هذا الاصطفاف الواضح قد يكلف الأرجنتين الكثير دبلوماسيًا وأمنيًا، وفقًا لموقع Responsible Statecraft.

تحالف أيديولوجي أم مخاطرة سياسية؟

يرتكز تحالف ميلي مع إسرائيل على رؤية أيديولوجية تعتبر العالم ساحة صراع بين “الخير المطلق” (إسرائيل والغرب) و”الشر” (إيران واليسار).

الجدير بالذكر أن ميلي، الذي هو كاثوليكي يدرس الكابالا، معروف بولائه السياسي والروحي لإسرائيل، حيث زار تل أبيب مرتين منذ توليه الرئاسة، وكان آخرها في يونيو 2025، قبيل الضربة الإسرائيلية المثيرة للجدل ضد إيران.

ويرى ميلي في هذا التقارب رسالة تاريخية، لكن يبقى التساؤل الأساسي: هل يخدم هذا التحالف مصالح الأرجنتين، أم أنه قد يدخل البلاد في صراعات خارجية خطيرة؟

اختبار قانوني حاد

تمثل زيارة نتنياهو تحديًا قانونيًا معقدًا للأرجنتين، الدولة الموقعة على نظام روما الأساسي، ففي نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق نتنياهو بتهم تتعلق بجرائم حرب، ويبدو أن ميلي لن يلتزم بهذا القرار، مما يضع الأرجنتين في مواجهة مباشرة مع مبادئ القانون الدولي التي طالما دافعت عنها، خصوصًا في محاكمة مجرمي الديكتاتورية العسكرية.

انتهاك الحياد التقليدي

تشكل دعوة نتنياهو إلى بوينس آيرس خروجًا واضحًا عن سياسة الأرجنتين التاريخية في تبني الحياد تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، فقد أعلن ميلي نيته نقل السفارة الأرجنتينية إلى القدس الغربية بحلول 2026، وصوت ضد قرار أممي يطالب بوقف إطلاق النار في غزة، في موقف يخالف 149 دولة، من بينها دول عربية وجيران تقليديين مثل البرازيل.

تحذر تقارير أمنية من أن الموقف الحازم الذي يتبناه ميلي قد يجعل الأرجنتين هدفًا لهجمات انتقامية محتملة من إيران أو حلفائها، مثل حزب الله، وقد أدرجت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة الأرجنتين ضمن الدول الداعمة للهجمات الإسرائيلية الأخيرة، مما يزيد المخاوف الأمنية، خاصة بعد أن وصف ميلي إيران بأنها “عدو الأرجنتين”.

وتبقى ذكريات تفجيري السفارة الإسرائيلية عام 1992 ومركز آميا اليهودي عام 1994 حاضرة في الذاكرة الوطنية الأرجنتينية، ورغم وجود تقارير عن تورط حزب الله، لم تُصدر إدانات رسمية واضحة، وظلت التحقيقات محط جدل وتسييس.

تداعيات اقتصادية ودولية

لا تقتصر تداعيات التحالف على الجانب الأمني فقط، بل تمتد إلى الاقتصاد والعلاقات الدولية، فقد يؤدي توتر العلاقات مع الدول العربية والإسلامية إلى تراجع صادرات الأرجنتين الزراعية، فضلاً عن خسارة فرص استثمارية كبيرة من دول الخليج.

كما يهدد هذا المسار قدرة الأرجنتين على كسب الدعم الدولي في نزاعها المستمر مع بريطانيا بشأن جزر المالوين (فوكلاندز)، وهو دعم استند في السابق إلى احترام مبادئ القانون الدولي، التي يبدو أن ميلي مستعد لتجاهلها في ملف إسرائيل.