صدام بين نتنياهو والجيش حول قرار احتلال كامل قطاع غزة

تعيش إسرائيل أجواءً مشحونة بالتوتر والجدل الداخلي المتزايد، وذلك بسبب تزايد الخلافات بين القيادة السياسية والعسكرية حول مستقبل العمليات العسكرية في قطاع غزة.

صدام بين نتنياهو والجيش حول قرار احتلال كامل قطاع غزة
صدام بين نتنياهو والجيش حول قرار احتلال كامل قطاع غزة

تتجه الأنظار نحو اجتماع مرتقب للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية “الكابينت”، حيث سيقوم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، اللواء إيال زامير، بتقديم عرض مهم حول التحديات والتكاليف الباهظة لاستمرار العمليات العسكرية في القطاع.

وحسب تقارير صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، يعارض زامير بشدة أي تصعيد بري جديد في قطاع غزة، محذرًا من أن أي عملية عسكرية واسعة قد تمتد لعدة أشهر، وتتطلب نشر ست فرق قتالية في مناطق تُعتبر معاقل محصنة لحركة حماس، لم تصلها القوات الإسرائيلية منذ أكثر من عام.

“فاتورة البقاء”

يشير رئيس الأركان إلى أن “فاتورة البقاء” على هذا الوضع العسكري قد تتجاوز قدرة إسرائيل على التحمل، سواء من الناحية البشرية أو الاقتصادية، مما يثير تساؤلات حول جدوى التصعيد العسكري في الوقت الحالي.

اختيار التصعيد العسكري في غزة

على الجانب الآخر، يضغط رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو نحو خيار التصعيد الكامل، حيث أفاد مصدر من مكتبه أن نتنياهو يدرس بجدية خيار السيطرة التامة على قطاع غزة، بعد تعثر كافة جهود الوساطة وتبادل الأسرى.

وقد كانت التصريحات المنسوبة لمقربين من نتنياهو أكثر وضوحًا، حيث أكدوا أن القرار قد اتخذ، وأن إسرائيل تتجه نحو احتلال كامل للقطاع، مشيرين إلى أن العمليات ستشمل المناطق التي يُعتقد بوجود الرهائن فيها، وهددوا بإقالة رئيس الأركان إذا رفض تنفيذ الخطة: “فليتنحّ إن لم يكن مستعدًا لتنفيذ الأوامر”

ورغم محاولات بعض الأطراف السياسية احتواء التصريحات، مؤكدين أن القرار النهائي لم يُتخذ بعد، إلا أن الجمود السياسي وانعدام التقدم في المفاوضات مع حماس يضعان إسرائيل أمام معضلة خطيرة، في ظل أزمة متفاقمة في غزة، حيث يعيش أكثر من 2.5 مليون إنسان فلسطيني في ظروف كارثية وسط دمار واسع ونذر مجاعة شاملة.

تحذر الأمم المتحدة من أن القطاع بات على شفا مجاعة جماعية، بينما تُحكم إسرائيل الحصار على المعابر وتمنع دخول المساعدات، في حين ترى منظمات الإغاثة أن عمليات الإسقاط الجوي الدولية لا تعدو كونها “حلول رمزية” لا تغير شيئًا في واقع الأزمة.

نجل نتنياهو يتهم زامير بالانقلاب

في خضم هذا التوتر، أثار يائير نتنياهو، نجل رئيس وزراء الاحتلال، أزمة سياسية إضافية باتهامه العلني لرئيس الأركان بمحاولة تنفيذ “انقلاب عسكري” ضد والده، كما هاجم وزير الدفاع يسرائيل كاتس بسبب دعمه لتعيين زامير بدلًا من مرشح آخر كانت تفضّله عائلة نتنياهو.

شبه يائير ما يحدث بـ”انقلابات جمهوريات الموز” في أمريكا الوسطى خلال السبعينيات، واعتبر أن الجنرال زامير يسلك مسارًا “إجراميًا” مناهضًا للشرعية.

جاءت هذه التصريحات بعد أن نشر الصحفي الإسرائيلي يوسي يهوشوع تدوينة انتقد فيها نوايا نتنياهو لشن هجوم بري شامل، مؤكدًا أنه في حال قرر ذلك فعليه مخاطبة الجمهور مباشرة وتحمل مسؤولية الخسائر المحتملة، في ظل اعتراض الجيش.

رد يائير بعنف، قائلًا: “إذا كان صاحب هذه التغريدة هو من نعتقد، فهذه خيانة وتمرد عسكري واضح”، في تصعيد غير مسبوق من نجل رئيس الوزراء ضد المؤسسة العسكرية

ولم تقتصر تصريحات يائير المثيرة للجدل على الشأن الداخلي، بل طالت أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ووالدته الشيخة موزة، حيث وصفهما بأنهما يمثلان هتلر وغوبلز العصر الحديث، واتهم قطر بالوقوف خلف موجة معاداة السامية حول العالم، واصفًا إياها بـ”النسخة الحديثة من ألمانيا النازية”.

أثارت هذه التصريحات موجة من الانتقادات الداخلية والخارجية، وسط تحذيرات من تداعياتها الدبلوماسية، خاصة في وقت تخوض فيه إسرائيل حربًا ضروسًا في غزة وتعاني من عزلة متزايدة على الساحة الدولية.

يرى محللون أن يائير بات يمثل عبئًا سياسيًا متزايدًا على حكومة والده، في وقت تحتاج فيه تل أبيب إلى الانضباط السياسي وتوحيد الصفوف، بدلًا من مواقف منفلتة تزيد من تعقيد المشهد الداخلي والخارجي على حد سواء.