
في قلب كرة القدم اليونانية، يمثل ديربي باوك سالونيك وأولمبياكوس أثينا أكثر من مجرد مباراة رياضية، فهو يعكس صراعًا تاريخيًا واجتماعيًا عميقًا، يمتد جذوره من أبعاد سياسية وثقافية عبر عقود طويلة.
صراع الهوية والطبقات
تأسس نادي أولمبياكوس عام 1925 في ميناء بيريوس بأثينا، حيث كان يمثل الطبقة العاملة ويحظى بدعم اقتصادي وإعلامي قوي، وهو النادي الأكثر تتويجًا بالألقاب في تاريخ اليونان، بينما تأسس باوك عام 1926 في سالونيك على يد اللاجئين اليونانيين القادمين من تركيا بعد اتفاقية لوزان 1923، ليصبح النادي رمزًا لفئة محرومة تسعى للاعتراف والتمثيل، لذا فإن هذه الخلفية المتشابكة أضفت على المواجهات بين الفريقين أبعادًا تتجاوز الرياضة، وتحولت إلى معركة رمزية على الهوية والانتماء، يشهدها الملعب والشارع على حد سواء.
مقال مقترح: كهرباء الإسماعيلية يتعاقد مع المغربي محمد ياسين أبودراع
مواجهات لا تُنسى
شهد تاريخ ديربي باوك وأولمبياكوس لحظات درامية، منها نهائي كأس اليونان عام 1974 حين فاز باوك 2-1 في واحدة من أشرس المباريات، وكذلك نصر أولمبياكوس الساحق 6-1 عام 2001 الذي زاد من توتر العلاقات بين الجماهير، وفي موسم 2018-2019، شهدت المواجهة في سالونيك فوز باوك 1-0 وسط توترات أمنية وقرارات تحكيمية مثيرة للجدل، ورغم تفوق أولمبياكوس في عدد الألقاب، إلا أن باوك لا يزال يمثل قوة لا يُستهان بها، خاصة على أرض ملعب “تومبا” المعروف بصعوبة مبارياته.
المصريون في الديربي
ترك عدد من اللاعبين المصريين بصمة في تاريخ الناديين، ومن أبرزهم حسام حسن ومجدي طلبة مع باوك في أوائل التسعينات، حيث ساهم “العميد” حسام حسن في انتصار تاريخي على أولمبياكوس في كأس اليونان 1991، كما برز عمرو وردة كلاعب وسط لباوك بين 2017 و2019، رغم علاقته المتقلبة مع الإدارة والجماهير، وشهد موسم تتويج الفريق بالدوري اليوناني انضمامه المعار، مما أضاف لحظات مثيرة إلى فترة وجوده، أما أحمد حسن “كوكا”، فقد استقر في أولمبياكوس وأثبت نفسه كهداف بارز، خاصة في المسابقات الأوروبية، وحقق مع الفريق عدة بطولات، ليكون من أكثر المصريين نجاحًا في الدوري اليوناني.
الانتقالات النادرة بين الفريقين
قلة هم اللاعبون الذين ارتدوا قميصي الناديين، حيث تجعل الحساسية الشديدة بين أولمبياكوس وباوك الانتقال المباشر “تابو” يعاقبه الجمهور بالغضب والرفض، مع بعض الاستثناءات التي تمت بعد فترات فاصلة مثل كوساس كاتسورانيس وأليكساندروس تزيوليس.
من نفس التصنيف: مجموعة الأهلي تشهد تعادلًا سلبيًا في مباراة بورتو وبالميراس
مستقبل مشتعِل بين القطبين
رغم تغير الإدارات واللاعبين، يبقى الصراع بين باوك وأولمبياكوس محتدمًا، مع عودة باوك بقوة نحو المنافسة، وتراجع هيمنة أولمبياكوس في بعض المواسم، مما يجعل الديربي اليوناني من أكثر المنافسات اشتعالًا وتشويقًا على الساحة الأوروبية.
التعليقات