في قرار مفاجئ ومثير للجدل، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على البضائع البرازيلية، مستهدفًا بذلك أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية، واعتُبرت هذه الخطوة الأشد قسوة في تاريخ العلاقات بين البلدين منذ عقود.

ممكن يعجبك: اجتماع وزاري سوري إسرائيلي جديد في أذربيجان يوم الخميس وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية
جاء هذا القرار في وقت يتلقى فيه الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو دعمًا غير مشروط، حيث يواجه اتهامات بمحاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2022.
شوف كمان: إيران تعتقل خمسة بتهمة التجسس لصالح الموساد وتشويه سمعة البلاد
دعم شخصي وسياسي
أكد ترامب أن بولسونارو يمثل أولوية في أجندته الجديدة لأميركا اللاتينية، واصفًا محاكمته في المحكمة العليا البرازيلية بأنها “حملة شريرة”، مشيرًا إلى أن ما يحدث في البرازيل هو “انهيار متعمد لسيادة القانون” و”ترهيب بدوافع سياسية”، حسبما جاء في بيانه الذي أعلن فيه عن الرسوم الجديدة.
يبدو أن البيت الأبيض الحالي يتبنى خطابًا مشابهًا لما يروّج له حلفاء بولسونارو في واشنطن، خصوصًا في الأوساط المحافظة القريبة من ترامب، والتي ترى أن محاكمته تمثل تهديدًا مباشرًا للحريات السياسية.
مقارنة بالملاحقات الأمريكية
تشبه حالة بولسونارو موقف ترامب نفسه في الداخل الأميركي، حيث يواجه الرئيس الحالي محاكمات تتعلق بمحاولته قلب نتائج انتخابات 2020، وقد وصف بعض المحللين، مثل أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد ستيفن ليفيتسكي، القرار بأنه “شخصي”، قائلًا: “إنها حكومة شخصية تتبنى السياسات وفق أهواء ترامب”
أشار ليفيتسكي إلى أن العلاقة الوثيقة بين أبناء بولسونارو ودائرة ترامب، وخاصة مستشاره السابق ستيف بانون، أسهمت في تشكيل موقف واشنطن الجديد.
ضغوط أمريكية ورفض برازيلي
في الوقت ذاته، رفضت المؤسسات البرازيلية، بما في ذلك المحكمة العليا، أي تدخل سياسي في مجريات القضية، وأكد القاضي ألكسندر دي مورايس، المسؤول عن ملف محاكمة بولسونارو، أن جميع الإجراءات تمت وفق القانون، مضيفًا: “سأواصل عملي ولن أتأثر بأي ضغوط أو عقوبات”
كانت المحكمة قد أمرت بوضع بولسونارو قيد الإقامة الجبرية بعد نشره رسائل عبر حسابات أبنائه على مواقع التواصل الاجتماعي، في انتهاك لأوامر قضائية سابقة.
العقوبات تطال القضاء
تطور الأمر بعد أن فرضت الإدارة الأميركية عقوبات على دي مورايس بموجب قانون ماغنيتسكي، الذي يُستخدم عادة ضد مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، مما أثار غضبًا في الأوساط القضائية البرازيلية، التي اعتبرت هذه الخطوة “تدخلًا غير مسبوق في سيادة دولة ديمقراطية”.
أثر طويل الأمد على العلاقات الثنائية
صرّحت المحللة السياسية برونا سانتوس، من مركز الحوار بين الأمريكيتين في واشنطن، بأن “هذه الأزمة ستترك ندبة طويلة الأمد في العلاقات بين أكبر ديمقراطيتين في نصف الكرة الغربي”، مشيرة إلى أن إصرار واشنطن على إسقاط التهم عن بولسونارو هو مطلب لا يمكن تحقيقه دستوريًا في البرازيل.
يواجه جايير بولسونارو، الذي خسر الانتخابات الرئاسية عام 2022 أمام الرئيس الحالي لولا دا سيلفا، عدة اتهامات تتعلق بتدبير محاولة انقلاب وبث أخبار كاذبة حول نزاهة الانتخابات، وهو ما يُعتبر تهديدًا مباشرًا للديمقراطية وفقًا للقانون البرازيلي.
هل تتجه العلاقات إلى القطيعة؟
مع تصاعد الإجراءات والردود المتبادلة، باتت العلاقات الأميركية-البرازيلية في أخطر منعطفاتها، حيث يُتوقع أن تؤثر العقوبات الجمركية والدبلوماسية في التعاون الاقتصادي والأمني بين البلدين، كما أشار مراقبون إلى أن هذه الأزمة قد تعيد النقاش حول استقلالية القضاء ومخاطر التسييس الخارجي للملفات الداخلية في الدول ذات السيادة.