قامت إسرائيل بإعادة تفعيل آلية إدخال البضائع إلى قطاع غزة من خلال تجار محليين، وذلك بدلاً من الاعتماد على توزيع المساعدات من قبل المنظمات الأممية والدولية، هذه الخطوة أثارت ردود فعل متباينة، حيث اعتبرها البعض بادرة لتخفيف معاناة الجوع المتزايد، بينما رأى فيها آخرون مناورة سياسية تهدف لتقويض دور المنظمات الإنسانية، وذلك في ظل تصاعد الحديث عن إمكانية توسيع العمليات العسكرية وإعادة احتلال أجزاء من القطاع.

مقال مقترح: تصريح مثير لترامب حول السيطرة على الأجواء الإيرانية الآن
وأوضح مكتب منسق أعمال حكومة الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية أن إدخال البضائع سيتم عبر عدد محدود من التجار، بناءً على “معايير محددة وتقييم أمني دقيق”، وتشمل هذه المواد الغذائية الأساسية وأغذية الأطفال والفواكه والخضروات ومستلزمات النظافة، مع اشتراط الدفع عبر التحويلات البنكية فقط.
تأتي هذه الآلية التي تم تفعيلها مرتين سابقاً خلال الحرب ثم أوقفت بدعوى “منع استفادة حماس”، في وقت يشهد فيه القطاع انهياراً إنسانياً، ونقصاً حاداً في السيولة النقدية، وتضخماً غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية.
300 شاحنة يومياً… وتغييب للمنظمات الدولية
كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن الهدف من هذا التوجه هو تقليل الاعتماد على مساعدات المنظمات الدولية، بعد فشل التعاون مع الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن عدد الشاحنات سيرتفع إلى 300 شاحنة يومياً، مقارنة بـ200 في السابق.
ورغم الإعلان الرسمي، لم يتم رصد دخول كميات كبيرة من البضائع حتى ظهر الثلاثاء، باستثناء 6 شاحنات وصلت لصالح تجار في منطقة دير البلح بوسط غزة، لكنها بقيت مخزنة ولم تُعرض في الأسواق.
سياسة نقدية مشددة تعمّق أزمة السيولة
تنص الآلية الجديدة على أن عمليات الدفع ستكون فقط عبر التحويلات البنكية، دون ضخ سيولة نقدية، في محاولة – وفق المراقبين – للإبقاء على أزمة السيولة، ومنع تداول أوراق نقدية جديدة قد تستفيد منها حماس، أو تُستخدم في السوق السوداء.
هذا الإجراء، رغم بعض الإيجابيات التي يحملها، جاء في ظل استمرار إغلاق البنوك، ومنع دخول أي كميات من الأموال النقدية، مما فاقم حاجة المواطنين لتطبيقات الدفع الإلكتروني، وسط عمولات باهظة يتقاضاها بعض التجار مقابل توفير السيولة، وصلت إلى 55%.
قال رامي مقداد، موظف في السلطة الفلسطينية في تصريحات صحفية: “نعاني منذ شهور من صعوبة الحصول على النقد بسبب ارتفاع العمولة، إن تم الالتزام بالتعامل البنكي فقط، فربما نرى تحسناً بسيطاً في الوضع، لكن نحتاج رقابة حقيقية تمنع التلاعب بالأسعار”
وعبرت أريج الحلو، موظفة في مؤسسة اجتماعية، عن أملها في التزام التجار ببيع البضائع بالسعر الحقيقي: “هذه الخطوة إيجابية لو لم تتحول لوسيلة جديدة للربح على حساب جوع الناس”
أسعار فلكية وندرة خانقة
الوضع في الأسواق يوصف بـ”الكارثي”، حيث اختفت الكثير من السلع الغذائية، وارتفعت أسعار الخضار والمنتجات المحلية بشكل غير مسبوق، حيث بلغ سعر كيلو الطماطم 110 شيكل (32 دولاراً)، والبطاطس 60 شيكل (18 دولاراً)، وباحتساب عمولة تحويل السيولة، قد يدفع المواطن أكثر من 55 دولاراً فعلياً للحصول على كيلو طماطم.
قال رأفت الخطيب، أحد سكان غزة، إن إدخال البضائع ولو عبر التجار خطوة ضرورية، مشيراً إلى أنه يخاطر يومياً بالتوجه إلى نقاط إسقاط المساعدات الجوية للحصول على أي غذاء لأسرته.
مقال مقترح: إعلام إيراني يعلن موافقة البرلمان على إغلاق مضيق هرمز
المجاعة مستمرة… وغياب للعدالة في توزيع المساعدات
ورغم التغييرات الجديدة، تستمر تسجيل الوفيات الناتجة عن الجوع وسوء التغذية، حيث أفادت التقارير الطبية بأن 8 حالات وفاة سُجلت خلال 24 ساعة، من ظهر الاثنين حتى الثلاثاء، من بينها طفل، ليصل إجمالي الوفيات بسبب المجاعة منذ بداية الحرب إلى 188، نصفهم من الأطفال.
كما أدى استمرار الفوضى في عمليات توزيع المساعدات، سواء التي تدخل من المعابر أو تُسقط من الجو، إلى حرمان آلاف المستحقين منها، في ظل عجز المنظمات الإنسانية عن إيصال الإغاثة بأمان وانتظام.