تحل اليوم الذكرى السنوية للفنانة المصرية سناء مظهر، التي تُعد واحدة من نجمات الزمن الجميل، لم تكتفِ بجمالها وموهبتها لصنع مجدها الفني، بل اختارت أن تكون قصة حياتها شهادة خالدة على الإخلاص والوفاء، لتظل في الذاكرة ليس فقط كنجمة، بل كإنسانة وهبت حياتها لحب واحد، ولم تخن عهده حتى وفاتها.

مواضيع مشابهة: انطلاق مهرجان “ليالينا في العلمين” بالتعاون بين وزارتي الثقافة والإسكان
البدايات.. من الجمال إلى الفن
وُلدت سناء محمد صبيح في 17 أغسطس عام 1932، في القاهرة، لعائلة مصرية محافظة، منذ بداياتها لفتت الأنظار بجمالها الأخاذ، الذي شبّهها كثيرون بمارلين مونرو، حتى بات يُطلق عليها لقب “مارلين مونرو الشرق”، التحقت بالوسط الفني في أوائل الستينيات، وسط موجة من النجمات الصاعدات، واستطاعت خلال فترة قصيرة أن تترك بصمة واضحة، رغم المنافسة الشرسة في تلك الحقبة.
قدّمت سناء مظهر عددًا من الأعمال السينمائية التي حظيت بإعجاب الجمهور والنقاد، وشاركت في أفلام مهمة مثل “بياعة الجرايد” (بطولة ماجدة ونعيمة عاكف)، “شاطئ المرح”، و“مدرستي الحسناء”، وتميزت بأدوار الفتاة الرقيقة والرومانسية، وامتلكت حضورًا مميزًا على الشاشة، إلا أن شهرتها الفنية لم تكن سوى فصل قصير في رواية حياتها.
قصة حب خالدة.. وقرار مصيري
في أوج تألقها الفني، التقت سناء مظهر بالطيار المقاتل حسن القصرى، أحد أبطال سلاح الجو المصري، نشأت بينهما قصة حب عميقة سرعان ما تُوجت بالزواج، لم يكن زواجًا عاديًا، بل كان مبنيًا على تفاهم نادر، حيث اتفق الزوجان منذ البداية على أن يظل كل منهما مخلصًا للآخر حتى بعد الموت، متعاهدين ألا يتزوج أي منهما إذا رحل شريكه.
في 8 يونيو 1967، وفي خضم معارك حرب الاستنزاف، استُشهد الطيار حسن القصرى أثناء أداء مهمته العسكرية، بعدما نجح في إسقاط طائرة إسرائيلية من طراز “مينستير” باستخدام طائرته الميج-17، قبل أن يُستهدف ويسقط شهيدًا في أرض المعركة.
انسحاب من الأضواء.. وحياة في الظل
شكل استشهاد زوجها صدمة كبيرة في حياة سناء مظهر، فقررت الانسحاب بهدوء من الوسط الفني، رغم أنها كانت في قمة شهرتها، رفضت جميع عروض الزواج التي انهالت عليها، كما تجاهلت دعوات العودة إلى السينما والتلفزيون، وكرّست حياتها لذكرى زوجها، وعملت في مجال العمل الخيري بعيدًا عن عدسات الكاميرا.
عرف عنها التزامها الشديد وحياؤها الشخصي، حيث كانت تحرص على عدم الظهور في المناسبات العامة، وفضّلت أن تظل حياتها الخاصة بعيدة عن الأضواء، ظلت تعيش في عزلة شبه تامة، مدفوعة بإيمانها أن الحب الحقيقي لا يتكرر، وأنها لا تستطيع خيانة روح زوجها كما كانت تقول في أحاديثها النادرة:
“حسن كان حب حياتي، ولم أستطع أن أخذل روحه، حتى بعد كل هذه السنوات”
من نفس التصنيف: رشا مهدي تثير حماس جمهورها لعمل جديد وتطرح سؤالاً: “تفتكروا ايه اللي جاي؟”
رحيل جسد وخلود ذكرى
عاشت سناء مظهر أكثر من نصف قرن وحيدة، مخلصة لذكرى زوجها، متفرغة للعمل التطوعي ومساعدة من يحتاج، حتى وافتها المنية عن عمر يناهز 86 عامًا، بعد حياة اتسمت بالهدوء والخصوصية.
برحيلها، لم تفقد السينما المصرية فقط إحدى نجماتها الجميلات، بل فقدت رمزًا نادرًا للوفاء الإنساني، قصة سناء مظهر تظل شاهدًا على أن وراء كل نجم حقيقي، إنسان يحمل مبادئ لا تهزّها أضواء الشهرة ولا تغريها مغريات الدنيا.