الفضة تستقر قرب أعلى مستوياتها منذ 2011 كملاذ آمن

«الملاذ الآمن»: الفضة تستقر قرب أعلى مستوياتها منذ 2011

في ظل أجواء من الترقب الحذر في الأسواق العالمية، استقرت أسعار الفضة اليوم الأربعاء عند مستوياتها المرتفعة الأخيرة، وذلك نتيجة لتداخل معطيات الاقتصاد الكلي وتقلبات السياسة النقدية الأمريكية.

مقال مقترح: مصر بعيدة عن أي تأثير إشعاعي نتيجة استهداف منشآت نووية

في السوق المحلية، أفاد تقرير صادر عن مركز “الملاذ الآمن” للأبحاث بأن سعر جرام الفضة عيار 800 استقر عند 52 جنيهًا، بينما بلغ سعر عيار 925 نحو 60 جنيهًا، وسجل جنيه الفضة (عيار 925) حوالي 480 جنيهًا.

أما على المستوى العالمي، فقد استقر سعر الأوقية عند مستوى 37.8 دولارًا، دون تغير يُذكر مقارنة بسعر الإغلاق السابق البالغ 37.82 دولارًا، وذلك في ظل تداولات اتسمت بالهدوء والميل إلى الحذر.

بيانات أمريكية متضاربة تحرّك الأسواق

حركة الفضة جاءت ضمن نطاق محدود خلال تعاملات اليوم، إذ بدأت التداولات بتراجع طفيف بفعل ارتفاع عوائد السندات الأمريكية، قبل أن تعود الأسعار للتعافي مدعومة بتوقعات خفض الفائدة وتراجع مؤشر الدولار.

منذ بداية العام، حققت الفضة مكاسب قوية تجاوزت 30%، مما جعلها تلامس أعلى مستوياتها منذ عام 2011، كما هبط مؤشر نسبة الذهب إلى الفضة إلى نحو 89، مما يشير إلى تفوق نسبي لأداء المعدن الأبيض على نظيره الأصفر.

مواضيع مشابهة: وزير الاستثمار يعلن عن 4 تريليونات استثمارات محلية و7.9 مليار دولار صادرات خارجية

يرتبط هذا الأداء القوي بجملة من العوامل الاقتصادية المتشابكة، أبرزها الرهانات المتزايدة على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيقدم على خفض الفائدة في سبتمبر المقبل، حيث تُقدّر الأسواق هذه الاحتمالات بنحو 87%، في ظل بيانات اقتصادية ضعيفة تشمل تباطؤ نمو الوظائف وتراجع مؤشرات قطاع الخدمات.

الدولار والعوائد يخلطان الأوراق

استفادت الفضة من تراجع الدولار الأمريكي الذي هبط هذا الأسبوع إلى أدنى مستوياته في سبعة أيام، مما عزز جاذبية الفضة المقومة بالدولار للمستثمرين الأجانب، إلا أن الارتفاع النسبي في عوائد سندات الخزانة الأمريكية حدّ من هذا الزخم، حيث دفع بعض المتعاملين إلى البيع لجني الأرباح، خاصة في ظل غموض سياسي يتعلق بتعيينات محتملة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

يتابع المستثمرون عن كثب تحركات البيت الأبيض، إذ يُنتظر أن يُعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال أيام عن أسماء المرشحين لعضوية الفيدرالي، بالإضافة إلى قراره بشأن رئيس المجلس المقبل، مما يخلق حالة من الترقب في الأسواق، خاصة مع انتقادات متكررة وجهها ترامب للسياسات النقدية التقييدية للمجلس الحالي.

دعم صناعي متين رغم إشارات الفتور

على جانب العرض والطلب، لا تزال الفضة تستفيد من الطلب الصناعي المتزايد، خصوصًا في قطاعي الإلكترونيات والطاقة الشمسية، حيث تمثل الألواح الشمسية وحدها نحو 15% من الطلب العالمي على الفضة، ويشير مراقبون إلى أن السوق يعاني من عجز في المعروض للعام الخامس على التوالي.

وتدعم مؤشرات السوق الفعلية هذا الاتجاه، إذ ارتفعت تكاليف اقتراض الفضة في سوق لندن إلى أكثر من 6%، مما يعكس شحًا في الإمدادات على المدى القصير، كما أن احتفاظ الصناديق المتداولة بكميات كبيرة من الفضة قلص المعروض الفوري، ما خلق ما يُعرف بـ”الندرة المصطنعة”، والتي ساهمت في تعزيز الأسعار.

ومع ذلك، أظهرت بيانات “بيرث مينت” الأسترالية تراجعًا في مبيعات العملات الفضية إلى أدنى مستوى لها في ستة أشهر، وهو ما قد يشير إلى فتور جزئي في الطلب الفردي عند هذه المستويات المرتفعة، رغم استمرار الزخم العام عالميًا.

ويُرجّح المحللون أن الفضة لا تزال مرشحة للتفوق على الذهب في المرحلة المقبلة، خاصة وأن نسبة الذهب إلى الفضة لا تزال أعلى من متوسطها التاريخي، مما يُشير إلى إمكانية استمرار موجة الصعود.

الأسواق تترقب والسيولة تحدد المسار

بشكل عام، يعكس مشهد سوق الفضة العالمي حالة من التوازن الدقيق بين دعم يأتي من تراجع الدولار وتيسير مرتقب في السياسة النقدية، وضغوط معاكسة ناجمة عن ارتفاع العوائد وتباطؤ بعض جوانب الطلب.

بينما يواصل المستثمرون التعامل مع الفضة كمخزن آمن للقيمة وكأصل استراتيجي في الصناعة، تبقى حركة الأسعار مرتبطة عن كثب بالتطورات المقبلة في السياسة النقدية الأمريكية ومؤشرات الاقتصاد الكلي، مما يجعل الأسابيع القليلة القادمة حاسمة في تحديد المسار الفعلي للفضة في الأسواق العالمية.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *