
في تصعيد جديد للتوترات الإقليمية، أعلن رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو أن بلاده تستعد للحرب وفق عقيدة عسكرية جديدة ترتكز على توجيه ضربات موجعة لبولندا، مؤكدًا أن الغرب عاجز عن هزيمتنا.
جاءت تصريحات لوكاشينكو في ظل الدعم المتواصل من بولندا لأوكرانيا في مواجهة روسيا، حيث قدمت وارسو دعمًا ماليًا وعسكريًا لكييف بلغ نحو 3 مليارات يورو خلال عام 2023، بحسب موقع “ديفينس 24” الأوروبي العسكري.
مقال له علاقة: أفيخاي أدرعي يدعي أن إسرائيل حققت التفوق الكامل على إيران في “الأسد الصاعد”
يأتي هذا التصعيد في أعقاب إعلان واشنطن استعدادها للدفاع عن أراضي بولندا، العضو في حلف الناتو، حال تعرضها لهجوم من مقاتلي شركة فاغنر، الأمر الذي زاد من حدة التوترات بين بيلاروسيا ودول البلطيق، وعلى رأسها بولندا، وسط مخاوف دولية من توسع محتمل لحرب أوكرانيا إلى جبهات جديدة.
إجراءات بولندية وتحذيرات روسية
في خطوة احترازية، نقلت بولندا وحدات من قواتها العسكرية من غرب البلاد إلى شرقها لتأمين الحدود مع بيلاروسيا، فيما حذرت موسكو من سعي وارسو إلى تشكيل تحالف تحت مظلة الناتو والتدخل المباشر في أوكرانيا للاستيلاء على مناطقها الغربية.
وفي هذا السياق، صرح خبير عسكري روسي لموقع “سكاي نيوز عربية” أن بولندا تطمح لإعادة ترسيم حدود أوكرانيا وفق ما كانت عليه قبل الحرب العالمية الثانية، وهي خطوة يعتبرها الكرملين تهديدًا استراتيجيًا.
من جهته، رد محلل عسكري أوكراني بأن تلك الرواية ليست سوى “دعاية روسية” لتبرير تدخل محتمل في بولندا وتوسيع رقعة النزاع.
خريطة “الجحيم”
كشف لوكاشينكو، خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن ما وصفه الإعلام الروسي بـ”خريطة الجحيم”، والتي تضم مواقع تمركز القوات البولندية على حدود بيلاروسيا وروسيا، على النحو التالي:
- تمركز أحد الألوية البولندية على بعد 40 كيلومترا من مدينة بريست البيلاروسية
- انتشار لواء آخر على بعد 100 كيلومتر من مدينة غرودنو
- مشاركة مرتزقة وقوات احتياط بولندية في الحرب ضد القوات الروسية داخل أوكرانيا
- نقل 1000 جندي بولندي و200 قطعة عسكرية من لواءين ميكانيكيين إلى شرق بولندا
وقد حذر لوكاشينكو من أن هذه “السياسة الطائشة”، عبر إرسال مرتزقة وأفراد غير مدربين إلى ساحة القتال، ستقود بولندا إلى طريق مسدود.
رفض لتقسيم أوكرانيا وتهديد برد عسكري
وقد أبدى لوكاشينكو رفضًا قاطعًا لما وصفه بـ”الخطط الغربية لتقسيم أوكرانيا”، محذرًا من أن أي محاولة لسلخ الأراضي الغربية الأوكرانية وضمها إلى بولندا ستقابل برد عسكري مباشر من بيلاروسيا، بحجة أن ذلك سيمثل تهديدًا وجوديًا من دول البلطيق والغرب.
في المقابل، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولندا بالسعي للاستفادة من الفوضى الأوكرانية للاستيلاء على أراضٍ جديدة، مذكرًا بأن وارسو نالت أراضي واسعة بعد الحرب العالمية الثانية بفضل الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين، قائلاً: “إذا نسيت بولندا ذلك، فسنذكرها”
من نفس التصنيف: السلطات الأمريكية توقف نجم تيك توك “كابي لاميه” بسبب انتهاك تأشيرة الدخول
ووفق وكالة “نوفوستي”، أصدر بوتين توجيهًا مباشرًا لجهاز الاستخبارات الخارجية بمراقبة تحركات بولندا وخططها تجاه أوكرانيا.
محللون: الغرب لا يريد جبهة جديدة… لكن التصعيد وارد
وفي إطار التفاعل الدولي مع هذه التطورات، حذر الخبير العسكري الروسي فلاديمير إيجور من احتمال تصعيد أكبر، معتبرًا أن:
- دعم بولندا لأوكرانيا لا يهدف لحماية كييف، بل لإدامة الحرب عبر تحريضها ضد روسيا
- وارسو تسعى لتحويل أوكرانيا إلى دولة فاشلة لتسهيل السيطرة على أراضيها
- النزعة البولندية للثأر من ماضي الحرب العالمية الثانية، خاصة من الجماعات القومية الأوكرانية مثل “بانديرا”، تلعب دورًا في تحريك الأجندة الحالية
وبحسب إيجور، فإن الولايات المتحدة تبحث عن “كبش فداء” بديل إذا ما انهارت أوكرانيا أمام روسيا، وقد تكون بولندا في هذا السياق.
وجهة نظر معاكسة: دعاية روسية لتوسيع الحرب
في المقابل، قال الخبير العسكري الأوكراني أوليكسي ستيبانوف إن التصريحات الروسية بشأن تقسيم أوكرانيا مجرد دعاية حربية لا تستند لأي حقيقة، لا سيما أن الحدود الأوكرانية البولندية معترف بها دوليًا ولا يمكن تغييرها إلا باتفاق الأطراف، وليس بالقوة.
وأكد الخبير الأوكراني أن بيلاروسيا أصبحت حديقة خلفية لروسيا، خاصة بعد نشر موسكو صواريخ تكتيكية نووية داخل أراضيها، مشيرًا إلى أن بوتين يستخدم بيلاروسيا لإرسال رسائل تهديد غير مباشرة للغرب عبر بوابة بولندا.
التعليقات