أوروبا وأوكرانيا تسعيان لإفشال مبادرة بوتين قبل لقائه بترامب

أوروبا وأوكرانيا تسعيان لإفشال مبادرة بوتين قبل لقائه بترامب

قبل أيام من القمة المرتقبة بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في ولاية ألاسكا، بادرت أوكرانيا وعدد من الدول الأوروبية الكبرى بتقديم مقترح مضاد لخطة وقف إطلاق النار الروسية، التي اعتُبرت غير مقبولة ومنحازة لمطالب موسكو، وفقًا لما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.

المقترح الروسي، الذي تم طرحه خلال اجتماع بين بوتين والمبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف في الكرملين، يقضي بوقف إطلاق النار مقابل انسحاب أوكرانيا من مناطق داخل إقليم دونيتسك، بينما تحتفظ روسيا بسيطرتها على مناطق أخرى في زابوريجيا وخيرسون.

لكن هذا المقترح قوبل برفض فوري من أوكرانيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، حيث اعتُبر محاولة لتكريس مكاسب ميدانية لروسيا دون تقديم تنازلات مقابلة، وعلى هذا الأساس، اجتمع مسؤولون رفيعو المستوى من تلك الدول، إلى جانب أوكرانيا، في بريطانيا لصياغة رد جماعي يُشكّل أساسًا لمفاوضات قمة ألاسكا.

حرب روسيا وأوكرانيا

مبادرة أوروبية بديلة وخطوط حمراء واضحة

المقترح الأوروبي، الذي عُرض على نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوثين الأمريكيين كيث كيلوج وويتكوف، يحدد عدة شروط واضحة على النحو التالي.

  • يجب أن يكون وقف إطلاق النار الخطوة الأولى قبل أي مفاوضات إقليمية
  • أي تبادل أراضٍ يجب أن يتم بشكل متكافئ ومتوازن، وليس من جانب واحد
  • لا تنازل من أوكرانيا دون ضمانات أمنية صريحة، قد تشمل الانضمام للناتو
  • مستقبل أوكرانيا لا يمكن التفاوض عليه بدون مشاركة كييف

أحد المفاوضين الأوروبيين قال: “لا يمكن أن تبدأ عملية سياسية بتسليم أراضٍ في منتصف الحرب”، مشيرًا إلى أن خطة بوتين تقوّض مبدأ السيادة وتحفّز العدوان العسكري

صدى أوروبي رافض وشكوك حول نوايا موسكو

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد عبر منصة “إكس” أن مستقبل أوكرانيا لا يُحدد بدون الأوكرانيين، مضيفًا أن الأوروبيين سيكون لهم دور رئيسي في أي حل، باعتبار أن أمن أوكرانيا مرتبط مباشرة بأمن القارة.

تشير الصحيفة إلى أن الخطة الأوروبية، التي أعدّها كبار مساعدي القادة الأوروبيين المعروفين بـ”الشيربا”، جاءت كرد مباشر على الطرح الروسي، الذي بدا أقل تطرفًا من المواقف السابقة لموسكو، لكنه لا يتضمن أي التزام بانسحاب روسي من الأراضي المحتلة.

زيلينسكي: لا تنازل عن السيادة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكد في كلمة مصورة أن “الأوكرانيين لن يسلّموا أرضهم للمحتل”، مضيفًا أن حدود أوكرانيا رُسمت في الدستور، ولا مجال للتفاوض حولها.

وقد فوجئ زيلينسكي بعدم دعوته إلى قمة ألاسكا، مما أثار قلقًا أوروبياً بشأن احتمال اتخاذ قرارات مصيرية دون إشراك أوكرانيا، حيث قال مسؤول أوروبي بارز: “أي اتفاق يتم التوصل إليه دون مشاركة أوكرانيا والقادة الأوروبيين سيكون بلا قيمة حقيقية”

ارتباك في الطرح الروسي وتراجع في المواقف

رغم أن مقترح بوتين تضمّن تخلي أوكرانيا عن ثلث إقليم دونيتسك، وتجميد الجبهات في زابوريجيا وخيرسون، فإن موسكو لم تكرر شروطها المتشددة السابقة، مثل نزع سلاح أوكرانيا وتغيير حكومتها، ما اعتُبر مؤشراً على تراجع في المواقف.

لكن المبعوث الأمريكي ويتكوف تراجع لاحقًا عن بعض تفاصيل المقترح الروسي خلال اتصال مع الأوروبيين، موضحًا أن العرض يتمحور فقط حول انسحاب أوكرانيا من دونيتسك مقابل وقف إطلاق النار، من دون أي التزامات روسية مقابلة، وهو ما وصفه مسؤولون أوروبيون بـ”الصفقة المجحفة”.

أحد هؤلاء المسؤولين قال: “بوتين يريد الحصول على كل شيء مقابل لا شيء”، فيما أشار آخر إلى أن المقترح يمنح الكرملين مكاسب ميدانية واستراتيجية بلا مقابل سياسي أو أمني

قلق من تنازلات ترامب وضغوط على موسكو

وسط تصاعد الجدل، أبدى قادة أوروبيون خشيتهم من أن يقدم ترامب على تنازلات أحادية خلال لقائه مع بوتين، في محاولة لتسجيل اختراق دبلوماسي، دون مراعاة لموقف أوكرانيا أو مصالح حلف الناتو.

واعتبر مسؤول كبير أن بوتين “تفادى العقوبات الأمريكية التي هدد بها ترامب، وظهر بموقف أضعف مما كان عليه”، مضيفًا أن الفرصة لا تزال سانحة لممارسة ضغوط حقيقية على موسكو، لا مكافأتها بخريطة جديدة.

الحرب مستمرة والمكاسب محدودة

رغم دخول الحرب عامها الثالث، لم تحقق روسيا سوى مكاسب محدودة، إذ لم تسيطر سوى على أقل من 1% من الأراضي الأوكرانية منذ بداية الحرب، ومعظمها في دونيتسك، وفقًا للتقارير.

في ضوء ذلك، حذر ثلاثة مسؤولين أوروبيين من دول مختلفة من أن أي تنازل ميداني في هذه المرحلة سيمنح بوتين نصراً رمزياً خطيراً، دون أن يضطر لتقديم شيء في المقابل.