ضحايا زواج السُنة في قنا يواجهون أزمة إثبات النسب بعد تجاهل الحكومة

ضحايا زواج السُنة في قنا يواجهون أزمة إثبات النسب بعد تجاهل الحكومة

“البنت كبرت ولازم تتجوز.. مينفعش تقعد لغاية كده من غير جواز.. الستر للبت يحفظها”.. هذه الجملة تتردد في العديد من بيوت قرى الصعيد الجواني، وبالأخص في قرى ونجوع محافظة قنا التي أصبحت تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في نسب زواج السنة والطلاق، كما أن هناك أطفالًا يُسجلون تحت أسماء أجدادهم بسبب غياب الهوية، مما يثير القلق حول مستقبلهم.

في هذا التقرير، تقدم “نيوز رووم” لمحة عن مأساة النساء اللاتي تزوجن بالسُنة وأصبح أطفالهن بلا هوية نتيجة رفض الآباء نسبهم.

رفض نسب الطفل

تحدثت فرحة برعي، وهي إحدى الفتيات اللاتي تزوجن بالسنة وأصبحت صاحبة أول قضية نسب تحصل على حكم قضائي، مشيرة إلى أن هناك نجوع وقرى في قنا تعتمد على الزواج بالسنة، وهو عقد غير موثق بين الطرفين يتضمن شيكًا بمبلغ مالي، وغالبًا ما يتم عقد الزواج دون بلوغ الفتاة السن القانوني.

وأضافت أن الأزواج بعد فترة من الزواج يتجنبون التوثيق، والبعض يسافر خارج البلاد، وفي حالتها الخاصة، رفض زوجها توثيق العقد، وبعد محاولات من عائلتها، فوجئت بأنه أخذها إلى المأذون لتوثيق العقد وقام بتطليقها دون علمها، مما دفعها لرفع دعوى لإثبات نسب طفلتها من خلال التحليل.

وأوضحت أنها واجهت تجربة صعبة للغاية، وأكدت رفضها القاطع لزواج السنة أو زواج الفتيات دون السن القانوني، مشددة على أنها ستتخذ كل ما يلزم لحماية ابنتها في المستقبل، خاصة بعد أن اضطرت عائلتها لمغادرة قريتهم بسبب الصراعات الناتجة عن القضية.

ارتفاع نسب الطلاق بقري قنا

قالت مروة عبد الرحيم، محامية متخصصة في قضايا الأسرة، إن نسب الزواج بالسنة مرتفعة في العديد من القرى، ونبذل جهودًا من خلال الندوات ومؤسسات المجتمع المدني لتوعية الأهالي بأهمية توثيق الزواج، حيث إن الزواج غير الموثق يُعرض حقوق المرأة للخطر، كما أن هناك نسب طلاق مرتفعة في قرى قنا نتيجة لهذه الظاهرة، حيث إن الضمانات المتخذة لن تعادل العقد الرسمي.

وأشارت سمحية سعد، مدير عام وحدة حماية الطفل بمحافظة قنا، إلى أنه عند تلقي البلاغات، نتعامل مع الحالات فورًا ونتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لمنع الزواج حفاظًا على حقوق الفتيات.

وأضافت: “ننتقل مباشرة إلى موقع البلاغ لإحباط الزواج قبل إتمامه، ونتواصل مع أولياء الأمور لشرح الأضرار الناتجة عن زواج القاصرات، ونأخذ التعهدات اللازمة بعدم إتمام زواجهن قبل بلوغهن السن القانوني، كما يتم متابعة الفتيات أسبوعيًا للتأكد من عدم زواجهن في الخفاء”.

وأكد صابر محمد، ابن مركز نقادة، أنه يرفض زواج ابنته في سن مبكرة تحت ذريعة الستر، مشددًا على أن الفتاة قادرة على حماية نفسها دون قيود، وأن لها الحق في التعليم وإثبات ذاتها، حتى وإن اختارت عدم الزواج، فهذا حقها.

الجدير بالذكر أن الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي، ابن محافظة قنا، قد أشار في أحد قصائده إلى معاناة الفتيات من الزواج المبكر، مستعرضًا معاناة والدته فاطمة قنديل مع الزواج في سن صغيرة والإنجاب، وكيف كانت تعيش طفولتها وهي متزوجة، مما يعكس واقعًا مؤلمًا يدفع ثمنه الأطفال.