شهادات الذهب في البنوك كوسيلة جديدة للادخار بين الفرص والتحديات

في ظل التقلبات الحادة بأسعار الذهب على الصعيدين العالمي والمحلي، ومع بحث المصريين عن ملاذات آمنة لحماية مدخراتهم من التضخم وتآكل القوة الشرائية للجنيه، برزت شهادات الذهب البنكية كأحدث أداة استثمارية تقدمها بعض البنوك المصرية خلال العامين الماضيين.
تعتبر هذه الشهادات منتجًا ماليًا يتيح للمواطنين الاستثمار في الذهب دون الحاجة لامتلاك المعدن نفسه أو تحمل أعباء التخزين والبيع والشراء، ومع ذلك تثير تساؤلات حول جدواها ومخاطرها، ومدى قدرتها على منافسة الادخار التقليدي أو الاستثمار المباشر في الذهب.
فكرة شهادات الذهب
تعتمد شهادات الذهب على مبدأ بسيط،
حيث يقوم البنك بإصدار شهادة استثمارية مقومة بالذهب، بحيث تمثل كل شهادة كمية محددة من المعدن النفيس (مثل جرام أو 5 جرامات من الذهب عيار 24)، ويتم تثبيت قيمتها عند الشراء بناءً على السعر السائد في السوق المحلي.
عند انتهاء مدة الشهادة، يمكن للعميل استرداد قيمتها نقدًا وفقًا لسعر الذهب في وقت الاستحقاق، أو استرداد كمية الذهب الفعلية المكافئة لقيمتها.
بعض البنوك تضيف ميزة العائد الدوري على هذه الشهادات، بينما يكتفي آخرون بجعلها أداة ربط بين العميل وسعر الذهب فقط، دون أي أرباح نقدية خلال المدة.
لماذا تلجأ البنوك لإصدارها؟
بحسب خبراء مصرفيين تحدثوا لـ”نيوز رووم”، فإن هناك عدة دوافع وراء توجه البنوك المصرية لتقديم شهادات الذهب، أولها تنويع المنتجات المصرفية لمواكبة اتجاهات السوق وزيادة جاذبية البنوك للعملاء الباحثين عن الاستثمار الآمن.
كما أضافوا أن العامل الثاني هو جذب السيولة من خارج النظام المصرفي، خاصة الأموال التي كان أصحابها يوجهونها لشراء سبائك أو مشغولات ذهبية، بينما يشير الاتجاه الثالث إلى توفير بديل قانوني ومنظم للاستثمار في الذهب، مما يحد من المضاربات العشوائية في السوق، موضحين مواكبة التوجهات العالمية حيث تقدم بنوك كبرى في الخليج وأوروبا شهادات ومنتجات استثمارية مماثلة.
المزايا التي تقدمها شهادات الذهب
وفقًا لمسؤولي البنوك، تحمل شهادات الذهب عدة نقاط قوة تجعلها جاذبة لشريحة واسعة من المصريين، منها:
سهولة الشراء والاسترداد عبر فروع البنوك أو التطبيقات البنكية، دون الحاجة للتعامل مع تجار الذهب،.
الأمان حيث لا يتحمل العميل مخاطر التخزين أو القلق من فقدان الذهب أو سرقته،.
السيولة إذ يمكن تسييل الشهادة بسرعة وفقًا لسعر الذهب وقت البيع،.
إمكانية الاستثمار بمبالغ صغيرة مقارنة بشراء سبائك أو جنيهات ذهبية.
التحديات والمخاطر
ورغم المزايا، هناك بعض التحفظات التي يطرحها خبراء الاقتصاد:
1. تقلب الأسعار: الذهب سلعة شديدة الحساسية للتغيرات الاقتصادية العالمية، مما قد يجعل قيمة الشهادة عند الاسترداد أقل من قيمتها وقت الشراء،
2. غياب العائد الثابت: على عكس شهادات الادخار التقليدية، فإن العائد في شهادات الذهب يعتمد فقط على تغير السعر، مما قد لا يناسب الباحثين عن دخل ثابت،
3. الرسوم والعمولات: بعض البنوك تفرض مصاريف إدارية أو عمولات استرداد مبكر قد تقلل من العائد،
4. الاعتماد على الشفافية: يتطلب نجاح هذه الشهادات وضوح آلية التسعير وربطها بسعر الذهب الفعلي في السوق
شهادات الذهب مقابل شراء الذهب الفعلي
تتوقف المقارنة بين الاستثمار في شهادة ذهبية أو شراء سبائك وجنيهات تقليدية على احتياجات العميل:
إذا كان الهدف هو الاحتفاظ طويل الأجل بالذهب كأصل مادي، يظل الشراء المباشر أكثر وضوحًا،.
أما إذا كان الهدف هو الاستثمار قصير إلى متوسط الأجل دون عناء التخزين والبيع، قد تكون الشهادات خيارًا أكثر مرونة،.
من الناحية الضريبية، لا يختلف الأمر كثيرًا، لكن شهادات الذهب قد توفر مستوى أعلى من التوثيق والضمانات.
تأثيرها على سوق الذهب المحلي.
منذ طرحها، لاحظ بعض التجار انخفاضًا طفيفًا في الإقبال على السبائك الصغيرة، خاصة من العملاء الذين وجدوا في الشهادات وسيلة أسهل وأقل كلفة من حيث التخزين والمخاطر، ومع ذلك يؤكدون أن الطلب على الذهب المادي لأغراض الزينة أو الادخار طويل الأمد لم يتأثر بشكل كبير.
شهادات الذهب ودور البنك المركزي.
يلعب البنك المركزي المصري دورًا مهمًا في تنظيم هذا النوع من المنتجات، إذ يضع الأطر الرقابية التي تضمن التزام البنوك بالشفافية في تسعير الشهادات وربطها بأسعار الذهب المعلنة، كما يسعى المركزي إلى أن تكون هذه الشهادات أداة مساندة للاستقرار النقدي وجذب السيولة، لا وسيلة للمضاربة المفرطة.
شهادات الذهب في البنوك المصرية
حتى منتصف 2025، أطلقت بعض البنوك المصرية شهادات ذهبية بآليات مختلفة، مثل شهادات مرتبطة بسعر جرام الذهب عيار 24 مع إمكانية الاسترداد نقدًا أو ذهبًا، وشهادات بعائد دوري يوزع جزءًا من أرباح البنك الناتجة عن استثمار الذهب، بالإضافة إلى شهادات قصيرة الأجل (3 أو 6 أشهر) موجهة للمستثمرين الراغبين في الاستفادة من تحركات الأسعار السريعة.