كيف تؤثر موجات الحر المتكررة على مستقبل غذائنا؟

أصبح ارتفاع درجات الحرارة المتكرر جزءًا لا يتجزأ من الموسم الزراعي، حيث تؤثر هذه الموجات ليس فقط على كميات المحاصيل وجودتها، ولكن أيضًا على تكاليف الإنتاج، وقدرة العمال على العمل في الحقول، واستقرار إمدادات الغذاء محليًا وعالميًا.

كيف تؤثر موجات الحر على النبات

الإجهاد الحراري يؤثر بشكل كبير على العمليات الفسيولوجية، حيث تؤدي درجات الحرارة العالية إلى تسريع تبخر الماء من الأوراق وزيادة استهلاك النبات للماء، مما يسبب تقليص فترة التمثيل الضوئي وضعف النمو وإنتاج الحبوب.

كما أن هذه الظروف تعطل الإزهار والتلقيح، فمحاصيل مثل القمح والذرة تكون حساسة جدًا لفترة الإزهار، حيث يمكن أن تؤدي موجة حر خلال هذه المرحلة إلى منع التلقيح وتقليل عدد الحبوب أو حجمها.

تؤدي درجات الحرارة المرتفعة أيضًا إلى تدهور جودة المحصول، حيث تؤثر على تركيبة النشويات والبروتينات والدهون في الحبوب والفاكهة، مما ينعكس سلبًا على القيمة الغذائية وسعر السوق.

علاوة على ذلك، تؤدي الحرارة والجفاف إلى تغيير توازن الحقل وتقليل مقاومة النبات، مما يسهل انتشار بعض الآفات والفطريات.

تبعات على مستوى السلسلة الغذائية والاقتصاد

يمكن أن تتحول خسارة نسب صغيرة في الغلة إلى نقص ملموس في الإمداد عندما تتأثر مناطق واسعة في نفس العام، مما يرفع الأسعار ويزيد من تقلب سوق الغذاء.

لا تؤثر موجات الحر على النباتات فحسب، بل تؤثر أيضًا على العاملين، حيث سجلت خسائر ساعات العمل المؤهلة بسبب الحرارة العالية أرقامًا قياسية، ففي عام 2023 وحده، فقدت مئات المليارات من ساعات العمل المحتملة عالميًا بسبب الحر، وكانت الزراعة الأكثر تضررًا.

تتأثر الأسر الصغيرة والمزارعون في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بشكل كبير، وقد تتفاقم الفجوات بين الجنسين في الدخل نتيجة تأثير الحرارة على أعمال المرأة الريفية.

تضغط موجات الحر على محاور الإنتاج الغذائي من جذورها، حيث تتأثر النباتات، والعمال، والأسواق، والسياسات، والاحترار العالمي بشكل متزايد، مما يؤثر على الغلات والجودة، وتثبت التجارب العملية أن التدخلات التقنية والإدارية يمكن أن تخفف من هذه الخسائر.

يتطلب الحل مزيجًا من السياسات الوقائية، والاستثمارات الموجهة، والبحوث المحلية لتطوير أصناف ونظم زراعية تتناسب مع ارتفاع درجات الحرارة، فخطر أي دولة ليس فقط خسارة محصول هذا العام، بل تراكم الصدمات التي تقلل من مرونة منظومة الغذاء على المدى المتوسط والطويل.