قبل انتهاء العام.. صراع محتمل بين إسرائيل وإيران في الأفق

يبدو أن فصلًا جديدًا من الصراع بين إسرائيل وإيران يلوح في الأفق، خاصةً أن حرب الاثني عشر يومًا لم تتمكن من حسم الأمور لصالح إسرائيل، حيث لم يسقط النظام الإيراني بل ترسخ بشكل أكبر في الأرض، وجمع الشعب حوله بعد الضربات الإسرائيلية، كما أن المشروع النووي لم يتعرض للانهيار الكامل رغم الأضرار التي لحقت به، لذا تتجه إسرائيل نحو فتح معركة جديدة لاستكمال ما بدأته في يونيو.
موعد الحرب المرتقبة
وفقًا لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، يُحتمل أن تكون الحرب المرتقبة في ديسمبر، مع توقعات بأن تبدأها إسرائيل في أواخر أغسطس الحالي.
أكدت المجلة أن إيران على دراية بالنوايا الإسرائيلية لشن حرب جديدة، وقد زادت من استعداداتها، منتهجة استراتيجية طويلة الأمد، وتعمل على تنظيم هجماتها الصاروخية بما يتماشى مع توقعاتها بصراع مفتوح.
ورجحت “فورين بوليسي” أن إيران سترد بشكل حاسم منذ البداية في الجولة الثانية من الحرب، بهدف تبديد أي فكرة بإمكانية إخضاعها للهيمنة العسكرية الإسرائيلية.
يتوقع خبراء عسكريون أن تكون الحرب القادمة أكثر دموية من سابقتها، خاصةً إذا استجاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للضغوط الإسرائيلية مجددًا وانضم إلى القتال، مما قد يضع الولايات المتحدة في مواجهة حرب شاملة على عدة جبهات، لا سيما في العراق.
ومع إعادة إيران بناء مواردها العسكرية، فإن لدى إسرائيل دافعًا قويًا لشن هجوم “عاجل”، بالإضافة إلى أن الحسابات السياسية المتعلقة بهجوم آخر تصبح أكثر تعقيدًا مع دخول الولايات المتحدة موسم انتخابات التجديد النصفي، وهو ما يؤكد، بحسب “فورين بوليسي”، أن الحرب التالية قد تكون “خلال أشهر”.
من يتعلم أكثر ويتحرك أسرع سيفوز
بينما انتهت حرب يونيو دون حسم، ستعتمد نتيجة الحرب القادمة على أي الجانبين تعلم أكثر وتحرك أسرع، وما إذا كانت إسرائيل تستطيع تجديد صواريخها الاعتراضية بسرعة أكبر من قدرة إيران على إعادة بناء منصات إطلاقها وتجديد ترسانتها الصاروخية.
كما يحيط الشك بقدرة الموساد، الذي عولت عليه إسرائيل خلال حرب الاثني عشر يومًا من خلال عمليات الاغتيال ونصب قواعد إطلاق طائرات بدون طيار داخل الأراضي الإيرانية، على التواجد “العميق” داخل إيران، خصوصًا أن معظم موارده استُنفدت في السعي لإسقاط النظام في الأشهر الماضية، ومن المتوقع أن تكون إيران قد اكتسبت فهمًا أعمق لاختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية أكثر مما حصلت عليه تل أبيب في سد ثغراتها.
لا تستطيع إيران أن تكون متأكدة من أن الرد الأقوى سيعمل على تحييد استراتيجية إسرائيل، ولذلك فمن المرجح أن تعيد تقييم وضعها النووي، خاصةً بعد أن أثبتت الركائز الأخرى لردعها، بما في ذلك ما يسمى محور المقاومة والغموض النووي، عدم كفايتها.
في المقابل، فشلت إسرائيل أيضًا في تحويل إيران إلى سوريا ثانية، وفي إرساء هيمنة جوية مستدامة دون الدعم الأمريكي، ورغم سيطرة تل أبيب على المجال الجوي الإيراني خلال الحرب، إلا أنها لم تتصرف دون عقاب، وقد ألحق رد طهران الصاروخي أضرارًا جسيمة.
ولولا المساعدات الأمريكية الكبيرة، بما في ذلك استخدام 25% من أنظمة اعتراض الصواريخ من طراز “ثاد” في غضون اثني عشر يومًا فقط، لما كانت إسرائيل قادرة على مواصلة الحرب، وفقًا لـ “فورين بوليسي”.
واصلت إسرائيل إرسال إشارات واضحة لتأكيد وجود جولة ثانية من الحرب، وقد أشار إلى ذلك كل من وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، ورئيس الأركان، إيال زامير، الذي وصف حرب يونيو بأنها “مرحلة أولى”، مؤكدًا أن بلاده عازمة على دخول “فصل جديد” من الصراع.
ما الموقف الأمريكي؟
ترى “فورين بوليسي” أن ترامب، بمنحه الضوء الأخضر للهجوم الأول، “وقع في فخ إسرائيل”، معتبراً أنه الآن سيصعب عليه إيجاد مخرج، خصوصًا إذا تمسك بوقف التخصيب تمامًا كأساس للاتفاق مع إيران.
تضيف المجلة أن “الانخراط المحدود” في الحرب الثانية لن يكون خيارًا متاحًا لواشنطن، حيث سيكون أمام ترامب خياران، إما الانضمام الكامل إلى الحرب، أو البقاء خارجها.
وتتابع أن البقاء خارج الحرب يتطلب أكثر من مجرد رفض لمرة واحدة، بل يستلزم مقاومة مستمرة للضغط الإسرائيلي، وهو أمر لم يُبدِ ترامب حتى الآن الإرادة أو القوة اللازمة للقيام به.