ترامب واستراتيجية الغموض وتأثيرها على وعود السلام في الشرق الأوسط

ترامب واستراتيجية الغموض وتأثيرها على وعود السلام في الشرق الأوسط

أشار تقرير نشرته صحيفة “China Daily” إلى أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة خلال فترة الرئيس دونالد ترامب ساهمت في زيادة حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وأضعفت فرص السلام، وعززت الهيمنة الأمريكية بطرق أثارت جدلاً واسعاً

وأوضح التقرير، استناداً إلى آراء خبراء، أن القرارات المفاجئة والتغيرات في المواقف الدبلوماسية للإدارة الأمريكية أدت إلى تأجيج التوترات المتزايدة التي تمتد من قطاع غزة إلى إيران

وعود السلام الأمريكي التي لم تتحقق

تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بإنهاء الصراع في غزة وتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط، إلا أن الإجراءات التي اتخذتها إدارته بعد توليه المنصب لم تعكس تلك الرؤية، حيث فرضت تجميداً لمدة 90 يوماً على معظم المساعدات الإنمائية الخارجية، مع استثناء الدعم العسكري لإسرائيل ومصر فقط

وفي فبراير، طرحت الإدارة خطة مثيرة للجدل تهدف إلى السيطرة على قطاع غزة وإعادة توطين سكانه، ما اعتبره العديد من الأطراف مخططاً للتهجير الجماعي للفلسطينيين، كما أُعلنت مؤخراً مبادرة لزيادة توزيع الغذاء في غزة، لكنها لم تحدد مصادر التمويل، مما أثار انتقادات واسعة من منظمات إنسانية

في ظل تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، أظهر ترامب موقفاً غامضاً حيال دعم الاحتلال، مما عكس تردده في استخدام نفوذ الولايات المتحدة للحد من هذه التحركات

التوترات تتسع إلى إيران

لم تقتصر تداعيات السياسة الأمريكية على غزة فقط، فقد شهدت العلاقات مع إيران تصعيداً ملحوظاً، حيث جرت مفاوضات نووية لم تؤدِ إلى تقدم ملموس، وتخللتها ضربات جوية إسرائيلية لمواقع نووية إيرانية دعمتها الولايات المتحدة دفاعياً

في يونيو، قصفت القوات الأمريكية مواقع نووية في إيران، مما أثار إدانات دولية واسعة ووصف بالانتهاك للقانون الدولي، الأمر الذي أدى إلى تعليق إيران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتعقيد جهود استئناف المفاوضات النووية

غياب استراتيجية واضحة

يرى المحللون أن إدارة ترامب افتقرت إلى استراتيجية متماسكة، مع تغييرات متكررة في الأهداف والمواقف، مما أدى إلى انسداد طريق الحلول الدبلوماسية

ووصف روس هاريسون، الباحث في معهد الشرق الأوسط، التصرفات الأمريكية بأنها ضربات جراحية بلا إطار سياسي طويل الأمد، محذراً من الانخراط في حروب لا نهاية لها لا تخدم مصالح المنطقة أو واشنطن

من جهته، اعتبر دينج جون، مدير معهد دراسات الشرق الأوسط في شنغهاي، أن الإدارة الأمريكية تعاني من نقص في الرؤية الشاملة وتعتمد على عقلية الهيمنة، مما يعكس عجزها عن التعامل مع تعقيدات الملف الإقليمي

النفوذ الأمريكي يتراجع

أكد التقرير أن أسلوب قيادة ترامب الفوضوي فشل في تحقيق أي تقدم ملموس في الملفات الساخنة، حيث انهارت جهود الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة، وتعثرت المفاوضات المباشرة مع حركة حماس، مما أدى إلى فقدان واشنطن لمصداقيتها كوسيط نزيه

رغم تراجع نفوذ الولايات المتحدة، ما زالت إسرائيل تشكل ركيزة أساسية في استراتيجيتها، مع استمرار دعم ترامب القوي لرئيس وزراء الاحتلال نتنياهو واعتباره حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها غير قابل للتفاوض، بينما صنف حركة حماس كمنظمة إرهابية

لم يحظ الجانب الإنساني باهتمام كافٍ من الإدارة الأمريكية، التي لم تتخذ خطوات جادة للتخفيف من الأزمة المتفاقمة في غزة، ما يعكس ما وصفه منتقدون بـ “اللامبالاة” تجاه معاناة المدنيين

دعوات للحوار والمسار الدبلوماسي

يرى محللون أن الحلول الحقيقية تتطلب التخلي عن نهج الهيمنة وتبني حوار قائم على الاحترام المتبادل، خصوصاً في الملفات المعقدة مثل الملف النووي الإيراني

ودعا تقرير صادر عن معهد الشرق الأوسط القيادتين الأمريكية والإسرائيلية إلى وضع خطة دبلوماسية واضحة ومسؤولة، محذراً من أن استمرار غيابها سيزيد من تعقيد الصراعات ويهدد استقرار المنطقة بشكل أكبر