حرب العروض بين شركات الاتصالات في مصر: منافسة قوية أم استراتيجية تسويقية؟

حرب العروض بين شركات الاتصالات في مصر: منافسة قوية أم استراتيجية تسويقية؟

في السنوات الأخيرة، تزايدت حدة المنافسة بين شركات الاتصالات في السوق المصري، وأصبح السباق على جذب العملاء أكثر اشتعالًا من أي وقت مضى

تسعى الشركات لتقديم عروض مغرية على الإنترنت والمكالمات بأسعار تنافسية أو باقات مضاعفة، بينما يتساءل المستهلك، هل هذه العروض تعود عليه بالفائدة حقًا، أم أنها مجرد استراتيجيات تسويقية تهدف لزيادة الأرباح؟

سباق لا يتوقف

مع دخول مزودين جدد وخطط توسع من الشركات الكبرى، تحولت المنافسة من مجرد تحسين الخدمة إلى حرب أسعار وباقات، حيث تتضمن العروض مضاعفة الجيجابايت في باقات الإنترنت، إضافة إلى دقائق مجانية بين المشتركين في نفس الشبكة، وباقات اجتماعية خاصة بتطبيقات مثل واتساب وفيسبوك وإنستجرام، فضلًا عن تخفيضات كبيرة للعملاء الجدد أو المنتقلين من شبكة لأخرى

من المستفيد الحقيقي؟

يعتقد البعض أن المستهلك هو الرابح الأكبر لأنه يحصل على خدمات بأسعار أقل، لكن خبراء الاتصالات يرون أن الصورة أكثر تعقيدًا

وفي هذا السياق، أشار الدكتور أحمد جلال، خبير الاتصالات، إلى أن العروض قد تكون مفيدة على المدى القصير، لكنها أحيانًا تؤدي إلى تراجع الاستثمار في البنية التحتية، مما يؤثر سلبًا على جودة الخدمة على المدى البعيد

الجانب الخفي للحرب

وأوضح أنه من خلال تضييق الخناق على المنافسين، تُطرح بعض العروض بأسعار منخفضة بشكل كبير لجذب عملاء الشركات الأخرى وإضعاف قدرتها التنافسية

وأضاف أن الإغراء المؤقت ينتهي بعد فترة قصيرة، ليجد العميل نفسه أمام أسعار أعلى أو شروط مختلفة، وأشار إلى أن التسويق النفسي يعتمد على إغراق السوق بعروض متكررة تجعل المستهلك يشعر بأنه دائمًا على وشك أن يخسر شيئًا إن لم يشارك فورًا

تأثير الحرب على السوق

1. زيادة حركة نقل الأرقام بين الشبكات: العملاء أصبحوا أكثر استعدادًا للانتقال من شبكة لأخرى بحثًا عن أفضل عرض
2. تذبذب ولاء العملاء: اختفت فكرة “الانتماء” لشركة معينة، وأصبح السعر والجودة هما المعيار
3. ضغط على أرباح الشركات: انخفاض الأسعار قد يؤثر سلبًا على هوامش الربح، مما يدفع الشركات للبحث عن مصادر دخل جديدة مثل الخدمات الرقمية والبث المباشر

أصوات من الشارع

في جولة ميدانية بين المستخدمين، تباينت الآراء، حيث قال محمود، 26 سنة، موظف: “أنا مستفيد جدًا من العروض، وبغير الشركة كلما ظهرت عرض أفضل” بينما أضافت أميرة، 34 سنة، معلمة: “العروض كثيرة، لكن الجودة أحيانًا تتراجع بعد تغيير الباقة”

في النهاية، تبقى حرب العروض بين شركات الاتصالات في مصر سلاحًا ذو حدين، فهي توفر للمستهلك أسعارًا مغرية وخدمات متنوعة، لكنها قد تضعف استثمارات الشركات في البنية التحتية، مما ينعكس لاحقًا على جودة الخدمة، ويبقى التحدي الأكبر هو إيجاد توازن بين المنافسة العادلة وضمان استدامة الجودة