بسلاح المعادن، الصين تقضي على طموح ميرز في بناء أقوى جيش في أوروبا

بسلاح المعادن، الصين تقضي على طموح ميرز في بناء أقوى جيش في أوروبا

يسعى المستشار الألماني فريدريش ميرز إلى تحويل بلاده إلى القوة العسكرية التقليدية الأكبر في أوروبا، من خلال خطة طموحة لإعادة بناء الجيش الألماني، مدعومة بميزانية دفاع ضخمة تتجاوز مئات المليارات حتى عام 2029

لكن هذه الطموحات تواجه عقبة استراتيجية كبيرة، تتمثل في الاعتماد شبه الكامل على الصين لتوريد المعادن النادرة والمواد الخام الأساسية اللازمة لصناعة الأسلحة المتقدمة

اعتماد خطير على الصين يهدد الصناعة الدفاعية

يحذر خبراء مثل جاكوب كوليك، الباحث في جامعة كيمنتس للتكنولوجيا، من أن أي انخفاض مفاجئ في تدفق المواد الخام من الصين قد يؤدي إلى شلل شبه كامل في الصناعة الدفاعية الأوروبية

فالصين تسيطر على أكثر من 50% من قدرات المعالجة العالمية لمعظم المعادن الحيوية، وتصل هذه السيطرة إلى 86% لبعض المعادن المرتبطة مباشرة بالإنتاج العسكري، مثل الغاليوم والجرمانيوم

معادن نادرة تشغّل السلاح الأوروبي

سواء كانت دبابات، طائرات مقاتلة، أو صواريخ ذكية، فإن كل قطعة من التكنولوجيا العسكرية الحديثة تعتمد على سلسلة معقدة من المعادن مثل النيوديميوم، التنغستن، والتيتانيوم

ووفقًا لاتحاد الصناعات الألمانية، تُعد هذه المواد النادرة بمثابة “العمود الفقري” للأنظمة الدفاعية الحديثة، بدءًا من منظومات الرادار وصولًا إلى زعانف الصواريخ ودفع الطائرات المسيّرة

بينما بدأت الأموال الألمانية تتدفق بالفعل لإعادة التسلّح، وارتفعت طلبات المركبات القتالية والذخيرة والصواريخ، لا تزال البنية التحتية للصناعة الدفاعية هشّة وتعتمد على الخارج، مما يجعل أي اضطراب في الإمدادات خطرًا على الأمن القومي

الصين تُضيّق الخناق

تعمل بكين بنشاط على تقليص صادراتها من المواد الخام إلى شركات الدفاع الغربية، مما أدى إلى تأخير عمليات الإنتاج وارتفاع التكاليف بشكل كبير

وقد أثارت هذه الإجراءات قلقًا بالغًا لدى الولايات المتحدة، الحليف الأمني الرئيسي لأوروبا، والتي تعتمد أيضًا على الصين في توريد هذه المعادن رغم امتلاكها سياسات استراتيجية أكثر صرامة

ويُظهر التباين بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في إدارة هذه الأزمة فجوة استراتيجية واضحة: 

  • أمريكا تتعامل مع المعادن النادرة كأصول استراتيجية، وتملك قوانين مثل “قانون الإنتاج الدفاعي” الذي يتيح تمويل التعدين المحلي وتوجيه سلاسل التوريد، كما تحتفظ باحتياطي وطني للطوارئ عبر وكالة اللوجستيات الدفاعية
  • أما أوروبا، فهي تعتمد على إطار تشريعي مرن من خلال “قانون المواد الخام الحيوية”، لكنه يعتمد على التنسيق الطوعي بين الدول الأعضاء، دون سلطة مركزية ملزمة

في ألمانيا، تتصاعد الانتقادات للنهج الأوروبي، حيث وصفت النائبة فانيسا زوبل، من الحزب الديمقراطي المسيحي، قانون الاتحاد الأوروبي بشأن المواد الخام بأنه “جيد النوايا، لكنه لا يصل إلى الحد الكافي”، محذرة من أن أوروبا تفقد السباق الاستراتيجي أمام الصين

بينما يسعى ميرز لبناء جيش ألماني هو الأقوى تقليديًا في أوروبا، فإن هذه الخطط الطموحة تقف على أرضية جيوسياسية هشة، محكومة بقبضة الصين المحكمة على المواد الخام