قيادات الإخوان تسعى لتقديم نفسها كطرف مؤثر يمكنه فرض شروطه

وصف عمرو فاروق، الباحث المتخصص في شؤون حركات الإسلام السياسي، رغبة بعض قيادات الإخوان في الحوار مع الدولة المصرية بأنها تعكس “الانتهازية السياسية”، مشيرًا إلى أن الجماعة أصبحت المستفيد الوحيد من فكرة المصالحة، خاصة في ظل غياب تمثيل حقيقي لها في الشارع.
معارضون وقيادات إخوانية تسعى للمصالحة مع الدولة
وكشف معارضون وقياديون في لـ”الشرق الأوسط”، أن الظروف الحالية مواتية للمصالحة مع الدولة، وأكد مؤسس ورئيس حزب “غد الثورة”، أيمن نور، ورئيس “البرلمان المصري في الخارج”، القيادي الإخواني محمد عماد صابر، المقيمان في تركيا، لـ”الشرق الأوسط”، أن الجماعة تعبر عن استعدادها لإجراء حوار حقيقي.
مبادرات الإخوان التي تدعو للمصالحة “انتهازية سياسية”
وأكد عمرو فاروق في تصريحات خاصة لموقع “نيوز رووم”، أن مبادرات الإخوان التي تدعو إلى المصالحة تندرج تحت مظلة الانتهازية السياسية، حيث تتبنى مجموعة من الإجراءات التي تفتقر إلى القرار، سواء كان ذلك من خلال امتناعها عن ممارسة السياسة لفترات طويلة، أو الاعتراف بشرعية النظام السياسي.
وأضاف: “الجماعة لم تعد تمتلك تمثيلاً حقيقياً في الشارع، إذ تفكك تنظيمها وكيانها الحركي، وتخبط منهجها الفكري والأيديولوجي، مع اتساع دائرة الانشقاقات بداخلها، وبالتالي لا تسعى الجماعة وممثلوها في الداخل أو الخارج سوى للإفراج عن سجنائها، رغم تورطهم في أعمال عنف مسلح، وخضوعهم لقوانين الدولة، مما يعني رغبتها في الحصول على وضع استثنائي لا تستحقه وفقاً لمبادئ العدالة.”
الإخوان المستفيد الأوحد من فكرة المصالحة
وأشار الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، إلى أن جماعة الإخوان تدرك تمامًا أنها المستفيد الوحيد من فكرة “المصالحة” التي تنادي بها، في سياق سعيها للخلاص من “العشرية السوداء” التي مرت بها منذ يونيو 2013، وتطلعاتها نحو “العشرية المكية” التي قد تمنحها فرصة لإعادة تأطير وضعها التنظيمي والحركي، مع التركيز على التغلغل وسط المجتمع من خلال عباءات جديدة في الدعوة والسياسة، خاصة أنها أدركت أن استدعاء المظلومية لم يعد فعالاً لتحقيق أهدافها، بل زادها تشرذمًا.
وأوضح “فاروق” أن جميع مبادرات الإخوان لن تكون ذات قيمة، ما لم تعلن الجماعة عن إعلاء قيمة الوطن والمواطنة، والتخلي عن العنف، والابتعاد عن العمل السياسي، والتنازل عن طموحاتها في الوصول إلى السلطة، والاعتراف بمسؤوليتها عن الدماء التي أُهدرَت في الأراضي المصرية منذ يونيو 2013، وكذلك مسؤوليتها عن النزعات التكفيرية التي انتشرت في الفكر العربي، والاعتراف بأنها كانت السبب في ظهور العديد من تنظيمات التطرف المسلحة نتيجة الانحرافات الفكرية التي أسس لها كل من سيد قطب وحسن البنا وآخرون.
ونوه إلى أن البراجماتية تحكم مساعي جماعة الإخوان ومشروعها، لذا عليها قبل أن تدعو للمصالحة أن تعلن عن “مراجعات” شاملة على المستوى الفكري والحركي والسياسي، تشمل جميع القيادات والقواعد التنظيمية، وأن تعلن عن حل كيانها التنظيمي وتجميد نشاطها، والانصهار في المجتمع المصري دون أي مشاريع دعوية أو سياسية، والالتزام بمؤسسات الدولة ودستورها وقوانينها، بالإضافة إلى فك الارتباط بالتنظيم الدولي والتخلي عن مشروع “دولة الخلافة” بناءً على قناعات فكرية وعقائدية وسياسية.
وأوضح “فاروق” أن هناك حقائق مهمة حول أكذوبة “المصالحة” التي تسعى جماعة الإخوان لتحقيقها للتخلص من تاريخها الدموي، وإعادة تقديم نفسها ككيان سياسي سلمي، أهمها أنها ليست كيانًا سياسيًا، ولا تمثل المعارضة المصرية، كونها تنظيماً سريًا يقوم على أفكار تكفير المجتمع واستخدام العنف، وهو ما تجلى في الكثير من العمليات المسلحة بعد ثورة 30 يونيو 2013.
واختتم الباحث في شؤون الحركات الإسلامية تصريحاته بالتأكيد على أن قيادات الإخوان تحاول تصدير صورة لمؤيديها من دوائر الإسلام الحركي، أنها لا تزال موجودة بقوة في المشهد، وقادرة على طرح نفسها كطرف فاعل في الحوار والتفاوض السياسي.