حزب الله يخطط لعرقلة نزع السلاح مع اقتراب انتهاء المهلة في لبنان

يعيش لبنان مرحلة حاسمة هذا الأسبوع مع اقتراب موعد تقديم الجيش اللبناني خطته لتنفيذ قرار مجلس الوزراء بشأن حصرية السلاح بيد الدولة، وهي خطة من المقرر تسليمها بحلول نهاية أغسطس، على أن يبدأ تنفيذها تدريجيًا حتى نهاية العام الجاري، ومن المتوقع أن يناقشها مجلس الوزراء في جلسة تُعقد في 2 سبتمبر المقبل

رفع حزب الله من وتيرة التصعيد، واعتبر القرار الحكومي بمثابة “خطيئة”، متهمًا رئيس الحكومة نواف سلام بالخيانة، كما رفع مناصروه يافطات تحمل عبارات تهديد واضحة، وسط خطاب ناري من نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم الذي وصف الخطوة بأنها “مشروع إسرائيلي أمريكي”، مؤكدًا استعداد الحزب لخوض “معركة كربلائية” إذا لزم الأمر

رسائل تصعيدية بوجه الجدول الزمني

يرى مراقبون أن التصعيد الحالي لا يعكس بالضرورة قوة مطلقة أو ضعفًا كاملاً من الحزب، بل يعكس مرحلة ارتباك سياسي وشعبي بعد الخسائر الميدانية التي مُني بها في المواجهات الأخيرة مع إسرائيل، ويرجّح الصحافي المتخصص رمال، في حديثه لـ”إرم نيوز”، أن حزب الله يحاول تعويض تراجعه على الأرض بتكثيف الخطاب التعبوي والتهويلي

كما يشير إلى أن تصعيد الحزب يُستخدم كأداة ضغط لنسف الجدول الزمني المرتبط بالخطة، مع التوجه نحو فتح نقاش عام حول “الاستراتيجية الدفاعية”، ما يتيح له كسب الوقت وتأجيل الاستحقاقات

سياسة “تقسيط التنازلات”

وفق تحليلات مطروحة، يتبع حزب الله نهج “تقسيط التنازلات”، أي تقديم تنازلات على مراحل دون أن تظهر كخسائر فادحة أمام جمهوره أو حلفائه، اعتراضه الأساسي لا ينصب على مبدأ نزع السلاح نفسه، بل على التوقيت والسرعة، لذلك من المتوقع أن يمارس ضغوطًا على قيادة الجيش لتقديم خطة بلا مهل محددة، بما يمنحه مجالًا أوسع للمناورة

ويُنظر إلى أن الحزب لا يسعى إلى إلغاء القرار كليًا، بل إلى تعديل آلياته الزمنية، بحيث يبقى السلاح تحت شعار “الاستراتيجية الدفاعية”، في انتظار تغيّرات محتملة على مستوى التوازنات الإقليمية والدولية

اللقاءات مع الرئاسة.. وتضارب في الروايات

في موازاة ذلك، أجرى العميد المتقاعد أندريه رحال، مستشار الرئيس جوزيف عون، سلسلة لقاءات مع كلّ من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقيادة حزب الله

ورغم ما تم تداوله إعلاميًا عن “رسائل سلبية” مفادها أن تنفيذ قرار نزع السلاح يعني مواجهة مباشرة، ينفي رمال دقة تلك التسريبات، مؤكدًا أن اللقاءات هدفت إلى إبقاء قنوات التواصل مفتوحة وإبقاء الحوار قائمًا حول آليات تنفيذ القرار

ويشير إلى أن حزب الله يميز بين الخطاب العلني والتحركات الإعلامية، وبين النقاشات السياسية الجدية، التي لا يزال منفتحًا عليها، وإنْ بشروط تتعلق بالتوازنات الإقليمية وموقف إسرائيل من تنفيذ القرار 1701 المتعلق بوقف الأعمال العدائية

التراجع عن التظاهرات الليلية

في تطور لافت، توقف حزب الله عن تنظيم المسيرات الليلية بالدراجات النارية التي أعقبت قرار الحكومة، وهو ما يراه رمال نتيجة ثلاثة عوامل

  • اعتراض مباشر من حركة “أمل”، التي منعت مناصريها من المشاركة
  • ارتداد الحملة الإعلامية على نواف سلام بشكل عكسي، إذ تحوّل إلى رمز للشرعية والدستور، ما أضعف من تأثير التصعيد
  • تدخل إيراني مباشر عقب زيارة علي لاريجاني إلى بيروت، حيث نُقل عنه تحذير من مغبة التصعيد الشعبي الذي قد يفتح الباب أمام صدام داخلي لا تُحمد عقباه

حرب أهلية كلامية

يرى محللون أن التهديد بالحرب الأهلية هو في أغلبه أداة ضغط نفسي وسياسي، وليس نية فعلية لدى الحزب، إذ إن الدخول في صدام مباشر مع مؤسسات الدولة اللبنانية وليس فقط خصوم سياسيين سيكون مكلفًا جدًا، بل وقد يؤدي إلى عزل الحزب داخليًا وخارجياً

كما أن القرار الاستراتيجي النهائي لا يزال في يد طهران، التي تدير بفعالية مسار الحزب في ظل تداعيات خسارته على الجبهة الجنوبية، وبالتالي، أي تصعيد عسكري كبير سيُتخذ وفقًا لحسابات إقليمية، لا لبنانية بحتة

اختبار صعب للشرعية اللبنانية

وفي خضم هذه التحديات، يقف لبنان أمام اختبار صعب في قدرته على تنفيذ قرار حصرية السلاح بيد الدولة، واحتواء حزب له قاعدة شعبية وحلفاء سياسيون ودعم إقليمي من إيران

ويُعقّد الوضع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على لبنان، وغياب ضمانات أمريكية جدية للضغط على تل أبيب للالتزام بما ورد في “ورقة الإعلان المشتركة”

يبقى الرهان الآن على مدى قدرة الحكومة اللبنانية ومؤسساتها الأمنية والعسكرية على تطبيق القرار بحذر، وامتصاص الضغوط الداخلية والخارجية دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة قد تضعف الدولة أكثر وتعمّق الانقسام الوطني