دعا الدكتور إبراهيم نجم الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم إلى مشروع جماعي يهدف لاستعادة البوصلة الأخلاقية التي تعرضت للاختلال مؤكدًا أن هذا التحدي مسؤولية مشتركة تقع على عاتق العلماء والمفتين والعقلاء في جميع أنحاء العالم.
جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الختامية للندوة الدولية الثانية للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء حيث استعرض رؤية الأمانة خلال عشرة أعوام من العمل وأكد على أن للفتوى وللدين دورًا محوريًا في التعامل مع قضايا الواقع الإنساني التي وصفها بالشائكة والقاسية والمعقدة وأوضح أن إدراكها الصحيح يعد علمًا في حد ذاته لما يحيط بها من مزالق تتراوح بين الاستهانة والتهويل والتقليل.
وأشار الدكتور نجم إلى أن موضوع الندوة يعكس المسؤولية العلمية والفكرية التي تحملتها الأمانة العامة منذ انطلاقها وأكد أن كلمات عدد من القيادات الدينية والفكرية المشاركة في الندوة اتفقت جميعها على أن المشروع المطروح اليوم هو إعادة البوصلة الأخلاقية إلى مكانها الطبيعي.
وبحسب بيان دار الإفتاء أكد الأمين العام أن هذا المشروع لا يقتصر على المجال الديني فحسب بل يمتد إلى المستويات الاقتصادية والسياسية والأخلاقية كافة معتبرًا أن استعادة هذه البوصلة قد تتطلب انتزاعها ممن يعبثون بها في ظل ما يشهده العالم من اختلالات عميقة في سلم القيم والأولويات.
وضرب الدكتور نجم عددًا من الأمثلة الدالة على هذا الخلل مشيرًا إلى حالة الجدل الواسع في الإعلام البريطاني حول تفاصيل هامشية تتعلق بطريقة إعداد الشاي في مقابل تجاهل شبه تام لتقارير خطيرة تتعلق بتغيرات اجتماعية عميقة مثل ارتفاع نسب الأطفال المولودين خارج إطار الزواج مما يعكس غياب الاستنفار الأخلاقي الحقيقي أمام قضايا تمس بنية المجتمع.
كما توقف عند مثال آخر يتعلق باستخدام الكيان الإسرائيلي المحتل الذكاء الاصطناعي في استهداف المدنيين في غزة معتبرًا أن الفجوة بين سرعة تداول بعض القضايا الثانوية وتراجع الاهتمام بالقضايا الأخلاقية الكبرى تبرز الحاجة الملحة إلى إعادة ضبط بوصلة القيم الإنسانية.
وفي ختام كلمته أشار الدكتور نجم إلى مفارقات تاريخية ومعاصرة تعكس هذا الخلل مستشهدًا بمواقف متناقضة في الوعي الإنساني بين خطاب الكراهية والعنف من جهة ونماذج إنسانية نبيلة من جهة أخرى مؤكدًا أن تحقيق الآمال من ذلك لن يتم إلا بالتعاون والشراكة والاشتباك الواعي مع الواقع والصبر مختتمًا كلمته بالتأكيد على أن هذه المهمة مسؤولية جماعية لا تقبل التأجيل.

